العذاب ، وقدرنا على أن نهديكم إلى طريق النجاة لنجيناكم مما شكوتم ، وأجبناكم إلى ما سألتم ، ولكنكم لستم اليوم لنا بمصرخين ، ولا نحن لكم بمغيثين ، ولا لما تدعونا إليه بمستجيبين ...
فلا تلومونا ولوموا أنفسكم ، ولات حين ملام! إنما ينفع لوم النّفس فيما تتعاطاه من الإساءة فى زمان المهلة وأوقات التكليف ؛ فإنّ أبواب التوبة مفتوحة ، ولكن لمن لم ينزع روحه.
قوله جل ذكره : (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ (٢٣))
ذلك الذي مضى ذكره صفة الكفار والأعداء. وأمّا المؤمنون والأولياء ، فقال : (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا ...) والإيمان هو التصديق ، (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) تحقيق التصديق. ويدخل فى جملة الأعمال الصالحة ما قلّ أو كثر من وجوه الخيرات حتى القذر تميطه (١) عن الطريق.
و (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) ـ وكذلك قال تعالى : (لَهُمْ دارُ السَّلامِ) ، فالوصف العام والتحية لهم من الله السلام.
ويقال إن أحوالهم متفاوتة فى الرتبة ؛ فقوم سلموا من الاحتراق ثم من الفراق ثم من العذاب ثم من الحجاب.
قوله جل ذكره : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها
__________________
(١) أماط الأذى أي نحاه وأبعده.