وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦))
هذا مثل ضربه الله للإيمان والمعرفة به سبحانه ، فشبهه بشجرة طيبة ، وأصل تلك الشجرة ثابت فى الأرض وفروعها باسقة وثمراتها وافية. تؤتى أكلها كل وقت ، وينتفع بها أهلها كل حين.
وأصل تلك الشجرة المعرفة ، والإيمان مصحّحا بالأدلة والبراهين ، وفروعها الأعمال الصالحة التي هى الفرائض ومجانبة المعاصي.
والواجب صيانة الشجرة مما يضرّ بها مثل كشف القشر وقطع العرق وإملاق الغصن (١) وما جرى مجراه.
وأوراق تلك الشجرة القيام بآداب العبودية ، وأزهارها الأخلاق الجميلة ، وثمارها حلاوة الطاعة ولذة الخدمة.
وكما أن الثمار تختلف فى الطّعم والطبع والرائحة والصورة .. كذلك ثمرات الطاعات ، ومعانى الأشياء التي يجدها العبد فى قلبه تختلف من حلاوة الطاعة وهى صفة العابدين ، والبسط الذي يجده العبد فى وقته وهو صفة العارفين ، وراحة فى الضمير وهو صفة المريدين ، وأنس يناله فى سرّه وهو صفة المحبين. وقلق واهتياج يجدهما ولا يعرف سببهما ، ولا يجد سبيلا إلى سكونه وهو صفة المشتاقين. إلى ما لا يفى بشرحه نطق ، ولا يستوفيه تكلّف قول. وذكر من لوائح ولوامع ، وطوارق وشوارق ، كما قيل.
طوارق أنوار تلوح إذا بدت |
|
فتظهر كتمانا وتخبر عن جمع |
ثم إن ثمرات الأشجار فى السنة مرة ، وثمرات هذه الشجرة فى كل لحظة كذا كذا مرة. وكما قال الله تعالى فى ثواب الجنة : (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) كذا لطائف هذه الشجرة
__________________
(١) أي إذهاب الفاسد منه.