لا مقطوعة ولا ممنوعة ، وقلوب أهل الحقائق عنها لا مصروفة ولا محجوبة ، وهى فى كل وقت ونفس تبدو لهم غير محجوبة.
وثمرات الشجرة أشرف الثمار ، وأنوارها ألطف وأظرف الأنوار ، وإشارات أهل هذه القصة وألفاظهم فى مراتبهم ومعانيهم كالرياحين والنّور.
ويقال الكلمة الطيبة هى الشهادة بالإلهية ، وللرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالنبوة. وإنما تكون طيبة إذا صدرت عن سرّ مخلص.
والشجرة الطيبة المعرفة ، وأصلها ثابت فى أرض غير سبخة ، والأرض السبخة قلب الكافر والمنافق ، فالإيمان لا ينبت فى قلبيهما كما أن الشجرة فى الأرض السبخة لا تنبت. ثم لا بدّ للشجرة من الماء ، وماء هذه الشجرة دوام العناية ، وإنما تورق بالكفاية ، وتتورّد بالهداية.
ويقال ماء هذه الشجرة ماء الندم والحياء والتلهف والحسرة والأمانة والخشوع وإسبال (١) الدموع.
ويقال ثمرات هذه الشجرة مختلفة بحسب اختلاف أحوالهم ؛ فمنها التوكل والتفويض والتسليم ، والمحبة والشوق ، والرضا ، والأحوال الصافية الوافية ، والأخلاق العالية الزكية.
ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة هى كلمة الكفر ، وخبثها ما صحبها من نجاسة الشّرك ، فخبث الكلمة لصدورها عن قلب هو مستقرّ الشّرك ومنبعه.
والشجرة الخبيثة هى الشّرك اجتثّ من فوق الأرض ؛ لأن الكفر متناقض متضاد ، ليس له أصل صحيح ، ولا برهان موجب ، ولا دليل كاشف ، ولا علة مقتضية ، إنما هو شبه وأباطيل وضلال ، تقتضى وساوس وتسويلات ما لها من قرار ، لأنها حاصلة من شبه واهية وأصول فاسدة.
قوله جل ذكره : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ
__________________
(١) أسبلت العين ـ سال دمها (الوسيط ج ١ ص ٤١٧).