فصار صاحب حجاب ـ يصحّ أن يقال بدل له الأرض ، قال بعضهم :
ما الناس بالناس الذي عهدى بهم |
|
ولا البلاد بتلك التي كنت أعرفها |
وكذلك العبد المريد إذا وقعت له وقفة أو فترة كانت الشمس له كاشفة ، وكانت الأرض به راجفة ، وكان النهار له ليلا ، وكان الليل له ويلا ، وكما قيل :
فما كانت الدنيا بسهل ولا الضحى |
|
يطلق ولا ماء الحياة ببارد |
قوله جل ذكره : (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١))
الأصفاد الأغلال. الأصفاد تجمعهم ، والسلاسل تقيدهم ، والقطران سرابيلهم ، والحميم شربهم ، والنار محيطة بهم .. وذلك جزاء من خالف إلهه.
قوله جل ذكره : (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢))
الحجج ظاهرة ، والأمارات لائحة ، والدواعي واضحة ، والمهلة متسعة ، والرسول عليهالسلام مبلّغ ، والتمكين من القيام بحق التكليف مساعد. ولكنّ القسمة سابقة ، والتوفيق عن القيام ممنوع ، والربّ ـ سبحانه ـ فعّال لما بريد ، فمن اعتبر نجا ، ومن غفل تردّى. ولله الأمر من قبل ومن بعد ، والله أعلم.