قوله جل ذكره : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥))
أحللنا بهم العقوبة ، وأشهدناكم ذلك مما اعتبرتم ، وجريتم على منهاجهم ، وفعلتم مثل فعلهم ، وبإمهالنا لكم اغتررتم .. فانتظروا منّا ما عاملناكم به جزاء لكم على ما أسلفتم.
ويقال إن معاشرة أهل الهوى والفسق ومجاورتهم مشاركة لهم فى فعلهم ، فيستقبل فاعل ذلك استقبالهم ، ومن سلكهم ينخرط فى التردّى نحو وهدة هلاكه مثلهم.
قوله جل ذكره : (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧))
أي لا تحسبنّه يخلف رسله وعده ؛ لأنه لا يخلف الوعد لصدقه فى قوله ، وله أن يعذبهم بما وعدهم لحقّه فى ملكه ، وهو (عَزِيزٌ) لا يصل إليه أحد ، وإن كان وليا. (ذُو انتِقامٍ) لا يفوته أحد وإن كان (......) (١).
قوله جل ذكره : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨))
لا يختلف عينها وإنما تختلف صورتها ، وكذلك إذا انكدرت النجوم ، وانشقت السماء يقال ما بدّل عينها وإنما بدّل الأزمان والمكان على الناس باختلاف أحوالهم فى السرور والمحن ؛ كمن صار من الرخاء إلى البلاء يقول : تغيّر الزمان والوقت .. وكذلك من صار من البلاء إلى الرخاء.
ويقال إن آدم لما قتل أحد ابنيه الآخر قال :
تغيرت البلاد ومن عليها |
|
فوجه الأرض مغبرّ قبيح |
وفى هذه القصة (٢) من كان صاحب بسط فردّ إلى حال القبض ، ومن كان صاحب أنس
__________________
(١) وردت لفظتان هكذا (سهما قوما).
(٢) يشير القشيري إلى (بالقصة) إلى الحياة الصوفية.