فقال : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا) (١) ، وأخبر عن نبينا صلىاللهعليهوسلم بأنه (أَسْرى بِعَبْدِهِ) وليس من جاء بنفسه كمن أسرى به ربّه ، فهذا متحمّل وهذا محمول ، هذا بنعت الفرق وهذا بوصف الجمع ، هذا مريد وهذا مراد.
ويقال جعل المعراج بالليل عند غفلة الرّقباء وغيبة الأجانب ، ومن غير ميعاد ، ومن غير تقديم أهبة واستعداد ، كما قيل : (٢) ويقال جعل المعراج بالليل ليظهر تصديق من صدّق ، وتكذيب من تعجّب وكذّب أو أنكر وجحد.
ويقال لما كان تعبّده صلىاللهعليهوسلم وتهجّده بالليل جعل الحقّ سبحانه المعراج بالليل ويقال :
ليلة الوصل أصفى |
|
من شهور ودهور سواها |
ويقال أرسله الحقّ ـ سبحانه ـ ليتعلّم أهل الأرض منه العبادة ، ثم رقّاه إلى السماء ليتعلّم الملائكة منه آداب العبادة ، قال تعالى في وصفه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) (٣) ، فما التفت يمينا ولا شمالا ، وما طمع فى مقام ولا فى إكرام ؛ تجرّد عن كلّ طلب وأرب.
قوله : (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) : كان تعريفه بالآيات ثم بالصفات ثم كشف بالذات.
ويقال من الآيات التي أراها له تلك الليلة أنه ليس كمثله ـ سبحانه ـ شىء فى جلاله وجماله ، وعزّه وكبريائه ، ومجده وسنائه ثم أراه من آياته تلك الليلة ما عرف به صلوات الله عليه ـ أنه ليس أحد من الخلائق مثله فى نبوته ورسالته وعلوّ حالته وجلال رتبته.
__________________
(١) آية ١٤٣ سورة الأعراف.
(٢) هنا شاهد شعرى مضطرب فى الكتابة ، وأكثر أجزائه سلامة هو : والناس عما نحن فيه بمعزل.
(٣) آية ١٧ سورة النجم.