النكرة للعارفين ، وشفاء من لواعج الشوق للمحبين ، وشفاء من داء الشطط للمريدين والقاصدين ، وأنشدوا :
وكتبك حولى لا تفارق مضجعى |
|
وفيها شفاء للذى أنا كاتم |
قوله : (وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) : الخطاب خطاب واحد ، والكتاب كتاب واحد ، ولكنه لقوم رحمة وشفاء ، ولقوم سخط وشقاء. قوم أنار بصائرهم بنور التوحيد فهو لهم شفاء ، وقوم أغشى على بصائرهم بستر الجحود فهو لهم شقاء.
قوله جل ذكره : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً (٨٣))
إذا نزعنا عنه موجبات الخوف ، وأرخينا له حبل الإمهال ، وهيّأنا له أسباب الرفاهية اعترته مغاليط النسيان ، واستولت عليه دواعى العصيان ، فأعرض عن الشكر ، وتباعد عن بساط الوفاق.
ويقال إعراضه فى هذا الموضوع نسيانه ، ورؤية الفضل منه لا من الحقّ ، وتوهمه أنّ ما به من النّعم فباستحقاق طاعة أخلصها أو شدة قاساها .. وهذا فى التحقيق شرك.
قوله جل ذكره : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً (٨٤))
كلّ يترشح بمودع باطنه ، فالأسرّة تدل على السريرة ، وما تكنّه الضمائر يلوح على السرائر ، فمن صفا من الكدورة جوهره لا يفوح منه إلا نشر مناقبه ، ومن طبعت على الكدورة طينته فلا يشمّ من يحوم حوله إلا ريح مثالبه.
ويقال حركات الظواهر تدلّ وتخبر عن بواطن السرائر.
ويقال حبّ (...) (١) لا ينبت غضّ العود.
__________________
(١) مشتبهة.