ويقال من عجنت بماء الشّقوة طينته ، وطبعت على النكرة جبلّته لا تسمح بالتوحيد قريحته ، ولا تنطق بالتوحيد عبارته.
قوله جل ذكره : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٥))
أرادوا أن يجادلوه ويغلّطوه فأمره أن ينطق بلفظ يفصح عن أقسام الروح ؛ لأنّ ما يطلق عليه لفظ «الروح» يدخل تحت قوله تعالى :
(قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)
ويقال إن روح العبد لطيفة أودعها الله سبحانه فى القالب ، وجعلها محل الأحوال اللطيفة والأخلاق المحمودة ، (وكما يصح أن يكون البصر محلّ الرؤية والأذن محلّ السمع .. إلى آخره ، والبصير والسامع إنما هو الجملة ـ وهو الإنسان ـ فكذلك محل الأوصاف الحميدة الروح ، ومحل الأوصاف المذمومة النّفس ، والحكم أو الاسم راجع إلى الجملة) (١) وفى الجملة الروح مخلوقة ، والحق أجرى العادة بأن يخلق الحياة للعبد ما دام الروح فى جسده.
والروح لطيفة تفررت للكافة طهارتها ولطافتها ، وهى مخلوقة قبل الأجساد بألوف من السنين. وقيل إنه أدركها التكليف ، وإن لها صفاء التسبيح ، وصفاء المواصلات ، والتعريف من الحق.
(وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) : لأن أحدا لم يشاهد الروح ببصره.
قوله جل ذكره : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (٨٦))
__________________
(١) ما بين القوسين مضطرب اضطرابا شديدا فى النسخ ، وقد عدنا إلى رسالة القشيري فاعتمدنا عليها فى تنظيم السياق بقدر الإمكان. (أنظر الرسالة ص ٤٨).