سنّة الحقّ ـ سبحانه ـ مع أحبائه وخواص عباده أن يديم لهم افتقارهم إليه ، ليكونوا فى جميع الأحوال منقادين لجريان حكمه ، وألا يتحرك فيهم عرق بخلاف اختياره ، وعلى هذه الجملة خاطب حبيبه ـ صلوات الله عليه ـ بقوله : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) : (فمن كان استقلاله بالله يقدّم) (١) مراد سيده ـ فى العزل والولاية ـ على مراد نفسه.
قوله جل ذكره : (إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (٨٧))
والمقصود (من هذا إدامة تفرّد سرّه) (٢) صلىاللهعليهوسلم به ـ سبحانه ـ دون غيره.
قوله جل ذكره : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨))
(سائر الأنبياء) (٣) معجزاتهم باقية حكما ، ونبيّنا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ معجزته باقية عينا ، وهى القرآن (الذي نتلوه ، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه) (٤) ولا من خلفه.
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٨٩))
لا شىء أحظى عند الأحباب من كتاب الأحباب ، فهو شفاء من داء الضنى ، وضياء لأسرارهم عند اشتداد البلاء ، وفى معناه أنشدوا :
وكتبك حولى لا تفارق مضجعى |
|
وفيها شفاء للذى أنا كاتم |
__________________
(١ ، ٢ ، ٣ ، ٤) مدونة في أعلى الورقة بعلامات مميزة لمكانها من النص ، وقد أثبتنا كلا فى موضعه.