تعجّبوا (١) مما ليس بمحلّ شبهة ، ولكن حملهم على ذلك فرط جهلهم ، ثم أصرّوا على تكذيبهم وجحدهم.
قوله جل ذكره : (قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً (٩٥))
الجنس إلى الجنس أميل ، والشكل بالشكل آنس ، فقال سبحانه لو كان سكان الأرض ملائكة لجعلنا الرسول إليهم ملكا ، فلمّا كانوا بشرا فلا ينبغى أن يستبعد إرسال البشر إلى البشر.
قوله جل ذكره : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦))
الحقّ ـ سبحانه ـ هو الحاكم وهو الشاهد ، ولا يقاس حكمه على حكم الخلق ، ولا يجوز فى صفة المخلوق أن يكون الحاكم هو الشاهد ، فكما لا تشبه ذاته ذات الخلق لا تشبه صفته صفة الخلق.
قوله جل ذكره : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧))
من أراده بالسعادة فى آزاله استخلصه فى آباده بأفضاله ، ومن علمه فى الأزل بالشقاء وسمه فى أبده بسمة الأعداء. فلا لحكمه تحويل ، ولا لقوله تبديل.
__________________
(١) وردت (تعجلوا) والمعنى يقتضى (تعجبوا).