فى أنوار الموحّدين بالتحير (١) ؛ تبصّر العلماء بصحة الاستدلال ، وتحيّر الموحدين فى شهود الجمال والجلال.
وبكاء كل واحد على حسب حاله : فالتائب يبكى لخوف عقوبته لما أسلفه من زلّته وحوبته ، والمطيع يبكى لتقصيره فى طاعته ، ولكيلا يفوته ما يأمله من منّته.
وقوم يبكون لاستبهام عاقبتهم وسابقتهم عليهم.
وآخرون بكاؤهم بلا سبب متعين. وآخرون يبكون تحسرا على ما يفوتهم من الحق.
والبكاء عند الأكابر معلول (٢) ، وهو فى الجملة يدل على ضعف حال الرجل ، وفى معناه أنشدوا :
خلقنا رجالا للتجلد والأسى |
|
وتلك الغواني للبكا والمآتم |
قوله جل ذكره : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)
من عظيم نعمته ـ سبحانه ـ على أوليائه تنزّههم بأسرارهم فى رياض ذكره بتعداد أسمائه الحسنى من روضة إلى روضة ، ومن مأنس إلى مأنس.
ويقال الأغنياء ترددهم فى بساتينهم ، والأولياء تنزههم فى مشاهد تسبيحهم ، يستروحون إلى ما يلوح لأسرارهم من كشوفات جلاله وجماله.
قوله جل ذكره : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً).
لا تجهر بجميعها ، ولا تخافت بكلّها ، وارفع صوتك فى بعضها دون بعض.
ويقال ولا تجهر بها جهرا يسمعه الأعداء ، ولا تخافت بها حيث لا يسمع الأولياء.
(وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) : يكون للأحباب مسموعا ، وعن الأجانب ممنوعا.
__________________
(١) ليس (التحير) هنا ناجما عن الشك ، وإنما ناجم عن شدة الوله وعنف الأخذ.
(٢) لأن الأكابر في حال التمكين لا التلوين.