ما على الأرض زينة لها تدرك بالأبصار ، وممن على الأرض من هو زينة لها يعرف بالأسرار. وإنّ قيمة الأوطان لقطّانها ، وزينة المساكن فى سكّانها.
ويقال العبّاد بهم زينة الدنيا ، وأهل المعرفة بهم زينة الجنة.
ويقال الأولياء زينة الأرض وهم أمان من فى الأرض.
ويقال إذا تلألأت أنوار التوحيد فى أسرار الموحدين أشرقت جميع الآفاق بضيائهم.
قوله جل ذكره : (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)
أحسنهم عملا أصدقهم نيّة ، وأخلصهم طوية.
ويقال أحسنهم عملا أكثرهم احتسابا ؛ إذ لا ثواب لمن لا حسبة له ، وأعلى من هذا بل وأولى من هذا فأحسنهم عملا أشدّهم استصغار لفعله ، وأكثرهم استحقارا لطاعته ؛ لشدة رؤيته لتقصيره فيما يعمله ، ولانتقاصه أفعاله فى جنب ما يستوجبه الحقّ بحقّ أمره.
ويقال أحسن أعمال المرء نظره إلى أعماله بعين الاستحقار والاستصغار ، لقول الشاعر :
وأكبر من فعله وأعظمه |
|
تصغيره فعله الذي فعله |
معناه : أكبر من فعله ـ الذي هو عطاؤه وبذله ـ تقليله واستصغاره لما يعطيه ويجود به.
قوله جل ذكره : (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨))
كون ما على الأرض زينة لها فى الحال سلب قدره بما أخبر أنه سيفنيه فى المآل.
قوله جل ذكره : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩))
أزال الأعجوبة عن أوصافهم بما أضافه إلى ربّه بقوله : (مِنْ آياتِنا) ؛ فقلب العادة من قبل الله غير مستنكر ولا مبتدع.