قوله جل ذكره : (ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣))
البشارة منه أنّ تلك النّعم على الدوام غير منقطعة ، وأعظم من البشارة بها قوله (١) :
(وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً (٤) ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (٥))
قالتهم القبيحة نتيجة جهلهم بوحدانية الله ، ولقد توارثوا ذلك الجهل عن أسلافهم ؛ والحيّة لا تلد إلا حيّة!
كبرت كلمتهم فى الإثم لمّا خسّت فى المعنى. ومن نطق بما لم يحصل له به إذن لحقه هذا الوصف. ومن تكلّم فى هذا الشأن قبل أوانه فقد دخل فى غمار هؤلاء (٢).
قوله جل ذكره : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦))
من فرط شفقته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ داخله الحزن لامتناعهم عن الإيمان ، فهوّن الله ـ سبحانه ـ عليه الحال ، بما يشبه العتاب فى الظاهر ؛ كأنه قال له : لم كل هذا؟ ليس فى امتناعهم ـ فى عدّنا ـ أثر ، ولا فى الدّين من ذلك ضرر .. فلا عليك من ذلك.
ويقال أشهده جريان التقدير ، وعرّفه أنه ـ وإن كان كفرهم منهيّا عنه فى الشرع ـ فهو فى الحقيقة مراد الحق.
قوله جل ذكره : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها)
__________________
(١) البشارة بالآية التالية أعظم لأن المؤمن يعلم أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
(٢) فى هذه الإشارة غمزة بمن ينطقون ـ بدعوى المحو ـ بما لا يليق.