إذا حمل (الْحَمْدُ) هنا على معنى الشكر فإنزال الكتاب من أجلّ نعمه ، وكتاب الحبيب لدى الحبيب. أجلّ موقع وأشرف محلّ ، وهو من كمال إنعامه عليه ، وإن سمّاه ـ عليهالسلام ـ عبده فهو من جلائل نعمه عليه لأنّ من سمّاه عبده جعله من جملة خواصّه.
وإذا حمل (الْحَمْدُ) فى هذه الآية على معنى المدح كان الأمر فيه بمعنى الثناء عليه ـ سبحانه ، بأنّه الملك الذي له الأمر والنهى والحكم بما يريد ، وأنه أعدّ الأحكام التي فى هذا الكتاب للعبيد ، وسمّاه صلىاللهعليهوسلم عبده لمّا كان فانيا عن حظوظه ، خالصا لله بقيامه بحقوقه.
قوله جل ذكره : (قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ)
(قَيِّماً) : أي صانه عن التعارض والتناقض ، فهو كتاب عزيز من ربّ عزيز.
«والبأس الشديد» : معجّله الفراق ، ومؤجّله الاحتراق.
ويقال هو البقاء عن الله تعالى ، والابتلاء بغضب الله.
ومعنى الآية لينذرهم ببأس شديد.
قوله جل ذكره : (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً).
والعمل الصالح ما يصلح للقبول ، وهو ما يؤدّى على الوجه الذي أمر به. ويقال العمل الصالح ما كان بنعت الخلوص ، وصاحبه صادق فيه.
ويقال هو الذي لا يستعجل عليه صاحبه حظّا فى الدنيا من أخذ عوض ، أو قبول جاه ، أو انعقاد رياسة .. وما فى هذا المعنى.
وحصلت البشارة بأنّ لهم أجرا حسنا ، والأجر الحسن ما لا يجرى مع صاحبه استقصاء فى العمل.
ويقال الأجر الحسن ما يزيد على مقدار العمل.
ويقال الأجر الحسن ما لا يذكّر صاحبه تقصيره ، ويستر عنه عيوب عمله.