بِالْوَصِيدِ) ... فهل إذا رفعها مسلم إليه خمسين سنة ترى يردّها خائبة؟ هذا لا يكون.
ويقال لما صحبهم الكلب لم تضره نجاسة صفته ، ولا خساسة قيمته.
ويقال قال فى صفة أصحاب الكهف إن كانوا (سَيَقُولُونَ : ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) ، أو خمسة سادسهم كلبهم فقد قال فى صفة هذه الأمة : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ) ..
وشتّان ما هما!
ويقال كل يعامل بما يليق به من حالته ورتبته ؛ فالأولياء قال فى صفتهم : (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) ، والكلب قال فى صفته : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ).
ويقال كما كرّر ذكرهم ، كرر ذكر كلبهم.
وجاء فى القصة أن الكلب لما لم ينصرف عنهم قالوا : سبيلنا إذا لم يتصرف عنّا أن نحمله حتى لا يستدّل علينا بأثر قدمه فحملوه ، فكانوا فى الابتداء (بل إياه) (١) وصاروا فى الانتهاء مطاياه .. كذا من اقتفى أثر الأحباب.
ويقال في القصة إن الله أنطق الكلب معهم ، وبنطقه ربط على قلوبهم بأن ازدادوا يقينا بسماع نطقه ، فقال : لم تضربونى؟ فقالوا : لتنصرف ، فقال : أنتم تخافون بلاء يصيبكم فى المستقبل وأنتم بلائي فى الحال :
ثم إنّ بلاءكم الذي تخافون أن يصيبكم من الأعداء ، وبلائي منكم وأنتم الأولياء.
ويقال لما لزم الكلب محلّه ولم يجاوز حدّه فوضع يديه على الوصيد بقي مع الأولياء ... كذا أدب الخدمة يوجب بقاء الوصلة.
قوله جل ذكره : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً)
__________________
(١) وردت هكذا ونرجح أنها (بلاياه) بدليل ما سيأتى بعد ذلك :
(وأنتم بلائي فى الحال).