الخطاب له ـ صلىاللهعليهوسلم. والمراد منه غيره.
ويقال لو اطلعت عليهم من حيث أنت لولّيت منهم فرارا ، ولو شاهدتهم من حيث شهود تولّى الحق لهم لبقيت على حالك.
ويقال لو اطلعت عليهم وشاهدتهم لولّيت منهم فرارا من أن تردّ عن عالى منزلتك إلى منزلتهم ؛ والغنىّ إذا ردّ إلى منزلة الفقير فرّ منه ، ولم تطب به نفسه. (وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) بأن يسلب عظيم ما هو حالك ، وتقام فى مثل حالهم النازلة عن حالك.
ويقال : (لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً) لأنك لا تريد أن تشهد غيرنا.
قوله جل ذكره : (وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)
استقلوا مدة لبثهم وقد لبثوا (طويلا) ، ولكنهم كانوا مأخوذين عنهم ، ولم يكن لهم علم بتفصيل أحوالهم ، قال قائلهم :
لست أدرى أطال ليلى أم لا؟ |
|
كيف يدرى بذاك من يتقلّى؟ |
لو تفرّغت لاستطالة ليلى |
|
ورعيت النجوم كنت مخلّا |
ويقال أيام الوصال عندهم قليلة ـ وإن كانت طويلة ، ولو كان الحال بالضدّ لكان الأمر بالعكس ، وأنشدوا :
صباحك سكر والمساء خمار (١) |
|
نعمت وأيام السرور قصار |
قوله جل ذكره : (قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ)
لأنه هو الذي خصّكم بما به أقامكم.
__________________
(١) الخمار ما خالط الإنسان من سكر الخمر.