بسرّه ، والشرع يستدعى منه نهوض قلبه فى طاعته ، والحقّ يقف سرّه عند شهود ما منه لمحبوبه تحت جريان قسمته (١).
قوله جل ذكره : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً)
إن طرأت عليك طوارق النسيان ـ لا بتعهدك ـ فجرّد بذكرك قصدك عن أوطان غفلتك.
ويقال (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) : فى الحقيقة نفسك تمنعك من استغراقك فى شهود ذكرك.
ويقال واذكر ربك إذا نسيت ذكرك لربّك : فإن العبد إذا كان ملاحظا لذكره كان ذلك آفة فى ذكره (٢).
ويقال واذكر ربك إذا نسيت حظّك منه.
ويقال واذكر ربّك إذا نسيت غير ربّك.
قوله جل ذكره : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥))
كانوا مأخوذين عنهم فى إحساسهم بأنفسهم فلم يقفوا على تطاول مدتهم ، وفى المثل : «أيام السرور قصار» ، والدهور فى السرور شهور ، والشهور فى المحن دهور ، وفى معناه :
أعدّ الليالى ليلة بعد ليلة |
|
وقد كنت قبلا لا أعد اللياليا |
قوله جل ذكره : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ
__________________
(١) معنى هذه الفقرة انه قد يبدو فى الظاهر ان للعبد إرادة فى الامتثال للطاعة وفي إجراء أحكام الشريعة ، ولكن فى الحقيقة أن الحق سبحانه يتولى تبرئته من حوله وإرادته ، وتهيئة سره للتجرد عن كل غير وسوى.
(٢) لأن أعلى درجات الذكر أن يفنى الذاكر فى المذكور.