ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (٦٤))
(١) طال عليهما السفر لأنهما احتاجا إلى الانصراف إلى مكانهما ، ثم قال يوشع : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) : الله ـ سبحانه ـ أدخل عليه النسيان ليكون الصّيد من تكلفه ، ثم قال : (ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) : يعنى دخول السمك الماء وكان مشويا ؛ فصار ذلك معجزة له ، فلما انتهيا إلى الموضع الذي دخل السمك فيه الماء لقيا الخضر.
قوله جل ذكره : (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥))
إذا سمى الله إنسانا بأنه عبده جعله من جملة الخواص ؛ فإذا قال : «عبدى» جعله من خاص الخواص.
(آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) : أي صار مرحوما من قبلنا بتلك الرحمة التي خصصناه بها من عندنا ، فيكون الخضر بتلك الرحمة مرحوما ، ويكون بها راحما على عبادنا.
(وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) : قيل العلم من لدن الله (٢) ما يتحصل بطريق الإلهام دون التكلف بالتّطلّب.
ويقال ما يعرّف به الحقّ ـ سبحانه ـ الخواص من عباده.
ويقال ما يعرّف به الحق أولياءه فيما فيه صلاح عباده.
__________________
(١) قال الزجاج : القصص اتباع الأثر ، فقص قصصا : اتبع الأثر.
(٢) يتخذ الصوفية من قصة الخضر وموسى مصدرا ثريا لاستمداد كثير من أصولهم فيما يتصل بالعلم اللدني وعلم الوراثة ، والولاية والنبوة ، والعلاقة بين المريد والشيخ ، وفكرة الظاهر والباطن ، والملامة على ظاهر مستشنع باطنه سليم .. ونحو ذلك.
وقد نجد خلال إشارات القشيري شيئا من ذلك.