وكذلك هو فى القيامة له منه ـ سبحانه ـ الأمان ؛ فهو فى الدنيا معصوم عن الزلة. محفوظ عن الآفة. وفى الآخرة معصوم عن البلاء والمحنة.
قوله جل ذكره : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧))
اعتزلت عنهم لتحصيل يطهرها ، فاستترت عن أبصارهم.
فلمّا أبصرت جبريل فى صورة إنسان لم تتوقعه أحسّت فى نفسها رعبا ، ولم تكن لها حيلة إلا تخويفه بالله ، ورجوعها إلى الله.
قوله جل ذكره : (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨))
قالت مريم لجبريل ـ وهى لم تعرفه ـ إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت ممن يجب أن يخاف ويتقّى منه ؛ أي إن كنت تقصد السوء. ومعنى قولها (بِالرَّحْمنِ) ولم تقل : «بالله» ـ أي بالذي يرحمنى فيحفظنى منك.
ويقال يحتمل أن يكون معناه : إن كنت تعرف الله وتكون متقيا مخالفة أمره فإنّى أعوذ بالله منك وأحذر عقوبته.
قوله جل ذكره : (قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (١٩))
تعرّف جبريل إليها بما سكّن روعها ، وقرن مقالته بالتبشير لها بعيسى عليهالسلام.
(قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ