فالجنة للأتقياء من هذه الأمة معدّة لهم ، والرحمة لعصاة المسلمين مدّخرة لهم. الجنة لطف من الله تعالى ، والرحمة وصف لله تعالى. وقوله : (مِنْ عِبادِنا) : فعبده على الخصوصية من كان اليوم فى قيد أمره. وقوله : (مَنْ كانَ تَقِيًّا) : قوم يتقون المعاصي والمخالفات ، وقوم يتقون الشهوات ، وآخرون يتقون الغفلات ، وآخرون يتقون شهود كلّ غير.
قوله جل ذكره : (وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤))
إن الملائكة ـ عليهمالسلام ـ أبدا ينزلون بإذن الحقّ تعالى ، فبعضهم بإنجاد المظلومين ، وبعضهم بإغاثة الملهوفين ، وبعضهم بتدمير الجاحدين ، وبعضهم بنصرة المؤمنين ، وبعضهم إلى ما لا يخصى من أمور الناس أجمعين. والله ـ سبحانه ـ لا يترك جاحدا ولا عابدا من حفظ وإنعام ، أو إمهال ونكال ...
قوله جل ذكره : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥))
بحق الإظهار يجب أن يكون هو ربّها ، ويكون مالكها ، ويكون قادرا عليها.
وإذا وجدت فهو فاعلها ، فمعنى كون فعل الشيء لفاعله أنه فى مقدوره وجوده.
ويقال إذا كان ربّ الأكبر من الأقوياء فهو أيضا ربّ الأصاغر من الضعفاء ، وقيمة العبد بمالكه وقدره (١) ، ولا بثمنه فى نفسه وخطوه.
قوله : (فَاعْبُدْهُ) أي قف حيثما أمرك ، ودع ما يقع لك ، وخلّ رأيك وتدبيرك.
قوله : (وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ) : الاصطبار غاية الصبر.
قوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) : أي كفوا ونظيرا. ويقال هل تعرف أحدا يسمى «الله» غير الله؟ ويقال أنّى بالنظير ... وهو بالقدم متوحد! والتشبيه يقتضى التسوية بين المتشابهين ، ولا مثل له .. لا موجودا ولا موهوما.
__________________
(١) أي قدر هذا المالك.