ويقال جميع ما عدّد من المنافع فى العصا كان من قبل الله .. فكيف له أن ينسبها ويضيفها إلى نفسه ، ولهذا قالوا :
يا جنّة الخلد ، والهدايا إذا |
|
تهدى إليك فما منك يهدى |
ويقال قال موسى لما رآها حية تهتز : لقد علمت كلّ وصف بهذه العصا ، أمّا هذه الواحدة فلم أعرفها.
قوله جل ذكره : (قالَ أَلْقِها يا مُوسى فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى)
لا عبرة بما يوهم ظاهر الأشياء ؛ فقد يوهم الظاهر بشىء ثم يبدو خلافه فى المستقبل ؛ فعصا موسى صارت حية.
ثم قال المقصود بذلك أن تكون لك آية ومعجزة لا بلاء وفتنة (١).
قوله : (قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ ...) : أشهده ـ بانقلاب العصا من حال إلى حال ؛ مرة عصا ثم ثعبانا ثم عصا مرة أخرى ـ أنّه يثبّت عباده فى حال التلوين مرة ومرة ؛ فمن أخذ ومن ردّ ، ومن جمع ومن فرق إلخ (٢).
قوله جل ذكره : (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (٢٣))
كما أراه آية من خارج أراه آية من نفسه ، وهى قلب يده بيضاء ؛ إذ جعلها فى جيبه من غير البرص. قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (٣)
__________________
(١) وهذا الكلام يتطبق. ذلك على الكرامة التي تظهر على يدى الولي ، وهذا فرق بين المعجزة الكرامة من ناحية وبين السحر من ناحية أخرى.
(٢) حتى يصلوا إلى حال (التمكين).
(٣) آية ٥٣ سورة فصلت.