لئلا تتداخلهما فترة فى تبليغ الرسالة علما منه (١) بأنه لا يؤمن ولا يقبل.
قوله جل ذكره : (قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى (٤٥))
فى الآية دليل على أنّ الخوف (٢) الذي تقتضيه جبلة الإنسان غير ملوم صاحبه عليه ، حيث قال مثل موسى ومثل هارون عليهماالسلام : (إِنَّنا نَخافُ).
ثم إنّه سبحانه سكّن ما بهما من الخوف بوعد النصرة لهما.
ويقال لم يخافا على نفسيهما شفقة عليهما ، ولكن قالا : إننا نخاف أن تحل بنا مكيدة من جهته ، فلا يحصل فيما تأمرنا به قيام بأمرك ، فكان ذلك الخوف لأجل حقّ الله لا لأجل حظوظ أنفسهما.
ويقال لم يخافا من فرعون ، ولكن خافا من تسليط الله إياه عليهما ، ولكنهما تأدّبا فى الخطاب.
قوله جل ذكره : (قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى (٤٦))
تلطّف فى استجلاب هذا القول من الحق سبحانه ، وهو قوله : (إِنَّنِي مَعَكُما) بقولهما : (إِنَّنا نَخافُ) ، وكان المقصود لهما أن يقول الحق لهما : (إِنَّنِي مَعَكُما) وإلا فأنّى بالخوف لمن هو مخصوص بالنبوّة؟! ويقال سكّن فيهما الخوف بقوله : (إِنَّنِي مَعَكُما) ، فقويا على الذهاب إليه ؛ إذ من شرط التكليف التمكين.
قوله جل ذكره : (فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ)
__________________
(١) وردت (منهم) وهى خطأ فى النسخ لأن المقصود : مع انه سبحانه عليم بانه لن يؤمن ولن يقبل.
(٢) فى هذه الإشارة توضيح هام لاصطلاح (الخوف).