حالنا ، وإن الذي حملنا من حلّى القبط صاغ السامرىّ منه العجل .. وكذلك الحرام من حطام الدنيا لا يخلو من شؤم أثره. فلقد كانت الغنيمة وأموال المشركين حراما عليهم ، فاستعاروا الحلىّ من القبط ، وآل إليهم ما كان فى أيديهم من الملك ، فكان سبب عبادتهم العجل .. كذلك من انهمك فى طلب الدنيا من غير وجه حلال يكون على خطر من رقّة دينه ، قال تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) (١).
قوله جل ذكره : (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً (٨٩))
يقال إنهم لمّا مرّوا على قوم يعبدون أصناما لهم قالوا لموسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، وكان ذلك الصنم على صورة العجل فكان ميلهم إلى عبادته مستكنّا فى قلوبهم ، فصاغ السامرىّ العجل على تلك الصورة. وفى هذه إشارة إلى أن خفايا الهوى إذا استكنّت فى القلب فما لم ينقش ذلك الشرك بمنقاش المنازلة يخشى أن يلقى صاحبه (...) (٢).
ويقال إن موسى ـ عليهالسلام ـ خرج من بين أمته أربعين يوما فرضى قومه بعبادة العجل ، ونبيّنا ـ عليهالسلام ـ خرج من بين أمته وأتت سنون كثيرة ولو ذكر واحد عند من أخلص من أمته فى التوحيد حديثا فى التشبيه لعدوا ذلك منه كبيرة ليس له منها مخلص (٣).
كذلك فإنهم استحفظوا كتابهم فبدّلوه تبديلا ، بينما ضمن الحقّ ـ سبحانه ـ إعزاز هذا الكتاب بقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٤).
__________________
(١) آية ٢٣ سورة الجاثية.
(٢) مشتبهة وهى فى الرسم تقرب من (نعيبه) والنعيب صوت الغراب .. فهل يقصد القشيري ـ ما ذكره منذ قليل ـ أن صاحبه يلقى شؤم أثر ذلك؟ أم أن اللفظة فى الأصل غير ذلك؟ ربما كانت (نحبه) أو (نعيه) أو (مغبته).
(٣) لأن المشبهة يدنون بتصوراتهم المادية عن الألوهية من عيدة العجل.
(٤) آية سورة الحجر.