ذلّت له الرقاب واستسلم لحكمه الخلق ، وخضعت له الجبابرة ، ومن اقترف الظلم بقي فى ظلماته ، وعلى حسب ذلك فى الزيادة والنقصان.
قوله جل ذكره : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (١١٢))
العمل الصالح ما يصلح للقبول ، فاعله هو المتجرّد عن الآفات الواقفة لحقيقة الأمر.
ويقال العمل الصالح ما لم يستعجل عليه صاحبه أجرا.
قوله : (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) : أي فى المآل كما هو مؤمن فى الحال.
ويقال هو مؤمن مصدّق لربّه أنه لا يعطى المؤمن لأجل إيمانه شيئا ، ولكن بفضله ، وإيمانه أمارة لذلك لا موجب له (١).
قوله جل ذكره : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣))
أتبعنا دليلا بعد دليل ، وبعثنا رسولا بعد رسول ، وحذّرناهم بوجوه من التعريفات ، وإظهار كثير من الآيات
قوله جل ذكره : (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ)
تعالى الله فى كبريائه ؛ وكبرياؤه : سناؤه وعلاه ومجده ، ورفعته وعظمته ، كل ذلك بمعنى واحد ، وهو استحقاقه لأوصاف الجلال والتعظيم.
و (الْمَلِكُ) : مبالغة من المالك ، وحقيقة الملك القدرة على الإيجاد ، والانفراد بذلك.
و (الْحَقُّ) : فى وصفه ـ سبحانه ـ بمعنى الموجود ، ومنه قوله عليهالسلام : «العين حق» (٢) أي موجود.
__________________
(١) على خلاف قول المعتزلة الذين يوجبون على الله أن يثبت من أطاع ويعاقب من أذنب.
(٢) يقول القشيري فى تحبيره ص ٦٨ «الحق من أسمائه سبحانه بمعنى الموجود الكائن ، وكذا معناه فى اللغة ، ومنه قوله عليهالسلام : «السحر حق» أي كائن موجود ، وكذا يقال الجنة حق ، والنار حق.