وللاصطبار مزية على الصبر ؛ وهو ألّا يجد صاحبه الألم بل يكون محمولا مروّحا.
قوله جل ذكره : (لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً)
أي لا نكلفك برزق أحد ؛ فإنّ الرازق الله ـ سبحانه ـ دون تأثير الخلق ، فنحن نرزقك ونرزق الجميع.
قوله جل ذكره : (نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى)
هما شيئان : وجود الأرزاق وشهود الرزاق ؛ فوجود الأرزاق يوجب قوة (١) النفوس ، وشهود الرزاق يوجب قوة (٢) القلوب.
ويقال استقلال (٣) العامة بوجود الأرزاق ، واستقلال الخواص بشهود الرزّاق.
ويقال نفى عن وقته الفرق بين أوصاف الرزق حين قال : (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) ؛ فإنّ من شهد وتحقق بقوله : (نَحْنُ) سقط عنه التمييز بين رزق ورزق.
ويقال خفّف على الفقراء مقاساة قلّة الرزق وتأخّره عن وقت إلى وقت بقوله : (نَحْنُ) (٤)
قوله : (وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) : أي العاقبة بالحسنى لأهل التقوى.
ويقال المراد بالتقوى المتّقى ، فقد يسمّى الموصوف بما هو المصدر (٥)
قوله جل ذكره : (وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٣٣))
عميت بصائرهم وادّعوا أنه لا برهان معه ، ولم يكن القصور فى الأدلة بل كان الخلل فى بصائرهم ، ولو جمع الله لهم كلّ آية اقترحت على رسول ثم لم يرد الله أن يؤمنوا لما
__________________
(١ ، ٢) ربما كانا (قوت النفوس ، وقوت القلوب) بالتاء المفتوحة ؛ فقد سبقا هكذا منذ قليل ، وإن كان السياق لا يمنع (قوة النفوس وقوة القلوب).
(٣) (استقلال) هنا بمعنى اكتفاء.
(٤) لأن من عاش ؛ (نحن) اكتفى بها ولم يستعجل شيئا.
(٥) كما يقال مثلا (رجل عدل) ونحو ذلك.