(وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) أي فى ساعات الليل ؛ فإن كمال الصفوة فى ذكر الله فى حال الخلوة.
(وَأَطْرافَ النَّهارِ) أي استدم ذكر الله فى جميع أحوالك.
قوله جل ذكره : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ)
فضل (١) الرؤية فيما لا يحتاج إليه معلول كفضل الكلام ، والذي له عند الله منزل وقدر فللحقّ على جميع أحواله غيرة ؛ إذ لا يرضى منه أن يبذل شيئا من حركاته ، وسكناته وجميع حالاته فيما ليس لله ـ سبحانه ـ فيه رضاء ، وفى معناه أنشدوا :
فعينى إذا استحسنت غيركم |
|
أمرت الدموع بتأديبها |
ويقال لما أدّبه فى ألا ينظر إلى زينة الدنيا بكمال نظره وقف على وجه الأرض بفرد قدم تصاونا عنها حتى قيل له : (طه) أي طأ الأرض بقدمك .. ولم كلّ هذه المجاهدة وكل هذا التباعد حتى تقف بفرد قدم؟! طأ الأرض بقدميك.
(زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا ...) الفتنة ما يشغل به عن الحقّ ، ويستولى حبّه على القلب ، ويجسّر وجوده على العصيان ، ويحمل الاستمتاع به على البطر والأشر.
قوله جل ذكره : (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى)
القليل من الحلال ـ وفيه رضاء الرحمن ـ خير من الكثير من الحرام والحطام. ومعه سخطه. ويقال قليل يشهدك ربّك خير من كثير ينسيك ربّك.
قوله جل ذكره : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها)
الصلاة استفتاح باب الرزق ، وعليها أحال فى تيسير الفتوح عند وقوع الحاجة إليه. ويقال الصلاة رزق القلوب ، وفيها شفاؤها ، وإذا استأخر قوت النّفس قوى قوت القلب.
وأمر ـ الرسول ـ عليهالسلام ـ بأن يأمر أهله بالصلاة ، وأن يصطبر عليها.
__________________
(١) الفضل هنا معناه الزيادة (وفضل الرؤية) زيادة التطلع إلى أكثر من المباح.