لا يعرف بالمعجزات ، وإنما المعجزات علم بصدق الأنبياء عليهمالسلام ، وذلك فرع لمعرفة الصانع.
ثم بيّن لهم أنّ ما عبدوه من دون الله لا يستحق العبادة ، ثم إنه لم يحفل بما يصيبه من البلاء ثقة منه بأنّ الله هو المتفرّد بالإبداع ، فلا أحد يملك له (١) ضرا من دون الله ، فتساءلوا فيما بينهم وقالوا :
(قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ)
أي يذكرهم بالسوء. ويحتمل أن يكون من فعله .. فاسألوه ، فسألوه (٢) فقال : بل فعله كبيرهم.
فقالوا كيف ندرك الذنب عليه؟ وكيف تحيلنا فى السؤال عليه ـ وهو جماد؟
فقال : وكيف تستجيزون عبادة ما هو جماد لا يدفع عن نفسه السوء؟!
قوله جل ذكره : (ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥))
فقال : شرّ وأمرّ (٣) .. كيف تستحق أمثال هذه .. العبادة؟! فلمّا توجّهت الحجة عليهم ولم يكن لهم جواب داخلتهم الأنفة والحمية فقالوا : سبيلنا أن نقتله شرّ قتلة ، وأن نعامله بما يخوفنا به من النار. فقالوا : (ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) ، فلما رموه فى النار :
(قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (٦٩))
__________________
(١) الضمير فى (فسألوه) يعود على ابراهيم عليهالسلام.
(٢) أي أن فى الكلام كما يقول البلاغيون ـ إيجاز حذف.
(٣) أي هذا عذر أقبح من الذنب.