قوله جل ذكره (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (٥٢))
خاطب قومه وأباه (١) ببيان التنبيه طمعا فى استفاقتهم من سكرة الغفلة ، ورجوعهم من ظلمة (٢) الغلظة ، وخروجهم من ضيق الشّبهة.
ثم سأل الله إعانتهم بطلب الهداية لهم. فلمّا تبيّن له أنهم لا يؤمنون ، وعلى كفرهم يصرّون تبرّأ منهم أجمعين.
قوله جل ذكره : (قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (٥٣) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٥٤) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (٥٥))
ما استروحوا فى الجواب إلا إلى التقليد ، فكان من جوابه الحكم بالتسوية بينهم وبين آبائهم فى الضلال ، والحجة المتوجهة على سلفهم لزموها وتوجهت عليهم ، فلم يرضوا منه بتخطئة آبائهم حتى قالوا : (أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ؟) فطالبوه بالبرهان إلى ما دعاهم إليه من الإيمان فقال :
(قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٥٦))
فأحالهم على النظر والاستدلال والتعرّف (٣) من حيث أدلة العقول (٤) لأنّ إثبات الصانع
__________________
(١) وردت (وأتاه) والصواب أن تكون (أباه) كما فى الآية.
(٢) وردت فى (ظلمة) وفى م (ظل) والصواب أن تكون (ظلمة) فالقشيرى يستعمل الظل للعناية وما فى معناها.
(٣) فى ص (والتعريف) وفى م (التعرف) ونحن نرجح هذه.
(٤) فى ص (القبول) ونحن نرجح (العقول) لتلاؤمها مع السياق.