(لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩))
القوم قالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (١) فعلموا أن الأصنام جمادات ، ولكن توهموا أن لها عند الله خطرا ، وأنّ من عبدها يقرب بعبادتها من الله ، فيبيّن الله لهم ـ غدا ـ بأنّها لو كانت تستحق العبادة ، ولو كان لها عند الله خطر لما ألقيت فى النار ، ولما أحرقت.
قوله جل ذكره : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ (١٠٠))
(لَهُمْ) : أي لعبدة الأصنام ، (فِيها) أي فى النار ، (زَفِيرٌ) لحسرتهم على ما فاتهم ، (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) من نداء يبشرهم بانقضاء عقوبتهم.
وبعكس أحوالهم عصاة المسلمين (٢) فى النار فهم ـ وإن عذّبوا حينا ـ فإنهم يسمعون قول من يبشّرهم يوما بانقضاء عذابهم ـ وإن كان بعد مدة مديدة.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١))
(سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) : أي الكلمة بالحسنى ، والمشيئة والإرادة بالحسنى ، لأن الحسنى فعله ، وقوله : (سَبَقَتْ) إخبار عن قدمه ، والذي كان لهم فى القدم هو الكلمة التي هى صفة تعلّقت بهم فى معنى الإخبار بالسعادة.
ثم قال : (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) أي عن النار ، ولم يقل متباعدون ليعلم العالمون أن المدار على التقدير ، وسابق الحكم من الله ، لا على تباعد العبد أو بتقرّبه.
قوله جل ذكره : (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ (١٠٢))
__________________
(١) آية ٣ سورة (الزمر)
(٢) تسمى هذه فى علم الكلام : المنزلة بين المنزلتين وهى التي بين المؤمن والكافر ، وليست عقوبة هؤلاء ـ كما هو شأن الكفار ـ على التأييد .. كما يرى القشيري.