الرحيم) يوجب ابتهاج القلوب وبه يحصل شفاء فتوتهم ، فعودة فتونهم في لطف جماله كما أن موجب جنونهم في كشف جلاله.
قوله جل ذكره :(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١))
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) نداء علامة ، و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) نداء كرامة ، وبكلّ واحد من القسمين يفتتح الحقّ خطابه فى السّور ؛ وذلك لانقسام خطابه إلى صفة التحذير مرة ، وصفة التبصير أخرى.
والتقوى هى التحرز والاتقاء وتجنب المحظورات. وتجنب المحظورات فرض ، وتجنب الفضلات والشواغل ـ وإن كان من جملة المباحات ـ نفل ، فثواب الأول أكثر ولكنه مؤجّل ، وثواب النّفل أقلّ ولكنه معجّل (١).
ويقال خوّفهم بقوله : (اتَّقُوا). ثم سكن ما بهم من الخوف بقوله : (رَبَّكُمْ) فإنّ سماع الربوبية يوجب الاستدامة وجميل الكفاية.
قوله : (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) : وتسمية المعدوم «شيئا» توسّع ؛ بدليل أنه ليس فى العدم زلزلة بالاتفاق وإن كان مطلق اللفظ يقتضيه ، وكذلك القول فى تسميته «شيئا» هو توسّع.
قوله جل ذكره : (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (٢))
لكل ذلك اليوم شغل يستوفيه ، ويستغرقه ، وترى الناس سكارى أي من هول ذلك
__________________
ـ ومن المفيد أن نسوق نصا لإحدى المجانين :
معشر الناس ما جننت ولكن |
|
انا سكرانة وقلبى صاح |
أنا مفتونة بحب حبيب |
|
لست أبغى عن بابه من براح |
(الروض الفائق ص ٣٦٢) وكتابنا (نشأة التصوف الإسلامى ط المعارف ص ١٧٨).
(١) هذا أصل يضاف إلى أصول الفقه الصوفي عند القشيري.