ثم قال : (أَوْ صَدِيقِكُمْ) : وعزيز من يصدق فى الصداقة ؛ فيكون فى الباطن كما يرى فى الظاهر ، ولا يكون فى الوجه كالمرآة ومن ورائك كالمقراض ، وفى معناه ما قلت :
من لى بمن يثق الفؤاد بودّه |
|
فإذا ترحّل لم يزغ عن عهده |
يا بؤس نفسى من أخ لى باذل |
|
حسن الوفاء بوعده لا نقده |
يولى الصفاء بنطقه لا خلقه |
|
ويدسّ صابا فى حلاوة شهده |
فلسانه يبدى جواهر عقده |
|
وجنانه تغلى مراجل حقده |
لاهمّ إنى لا أطيق مراسه |
|
بك أستعيذ من الحسود وكيده |
(وقوله : (أَوْ صَدِيقِكُمْ) من تؤمن منه هذه الخصال وأمثالها) (١).
قوله جل ذكره : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
السلام الأمان ، وسبيل المؤمن إذا دخل بيتا أن يسلّم من الله على نفسه ؛ أي يطلب الأمان والسلامة من الله لتسلم نفسه من الإقدام على ما لا يرضاه الله ، إذ لا يحل لمسلم أن يفتر لحظة عن الاستجارة بالله حتى لا يرفع عنه ـ سبحانه ـ ظلّ عصمته ؛ بإدامة حفظه عن الاتصاف بمكروه فى الشرع (٢).
قوله جل ذكره : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ
__________________
(١) ما بين القوسين موجود في ص وغير موجود فى م.
(٢) فى هذه الإشارة غمز بأصحاب البدع الذين يرتكبون ما يخالف الشرع بدعوى الوله والانمحاء