لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢))
شرط الاتباع موافقة المتبوع ، وألا يتفرقوا فيصيروا أحزابا كما قال : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) (١) والعلماء ورثة الأنبياء ، والمريدون لشيوخهم كالأّمة لنبيّهم ؛ فشرط المريد ألا يتنفّس ينفس إلا بإذن شيخه ، ومن خالف شيخه فى نفس ـ سرّا أو جهرا ـ فإنه يرى غبّه سريعا فى غير ما يحبّه. ومن خالفة الشيوخ فيما يستسرونه (٢) عنهم أشدّ ممّا يظهر بالجهر بكثير لأن هذا يلتحق بالخيانة. ومن خالف شيخه لا يشمّ رائحة الصّدق ، فإن بدر منه شىء من ذلك فعليه بسرعة الاعتذار والإفصاح عمّا حصّل منه من المخالفة والخيانة ، ليهديه شيخه إلى ما فيه كفّارة جرمه ، ويلتزم فى الغرامة بما يحكم به عليه. وإذا رجع المريد إلى شيخه بالصدق وجب على شيخه جبران تقصيره بهمته ؛ فإن المريدين عيال على الشيوخ ؛ فرض عليهم أن ينفقوا عليهم من قوّة أحوالهم بما يكون جبرانا لتقصيرهم.
قوله جل ذكره : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣))
أي عظّموه فى الخطاب ، واحفظوا فى خدمته الأدب ، وعانقوا طاعته على مراعاة الهيبة والتوقير.
قوله جل ذكره : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) (٣) (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)
__________________
(١) آية ١٤ سورة الحشر.
(٢) فى ص (يستبشرونه) وفى م (يستسترونه) ونحن نؤيد هذه حتى تتلاءم مع (ما يظهر بالجهر) فينتظم السياق بها.
(٣) يقال خالفه عن الأمر إذا صد عنه دونه.