قوله جل ذكره : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٦٧))
الإسراف أن تنفق فى الهوى وفى نصيب النّفس ، فأمّا ما كان لله فليس فيه إسراف ، والإقتار ما كان ادخارا عن الله. فأمّا التضييق على النّفس منعا لها عن اتباع الشهوات ولتتعود الاجتزاء باليسير فليس بالإقتار المذموم.
قوله جل ذكره : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨))
(١) (إِلهاً آخَرَ) : فى الظاهر عبادة الأصنام المعمولة من الأحجار ، المنحوتة من الأشجار.
وكما تتصف بهذا النفوس والأبشار فكذلك توهّم المبارّ والمضارّ من الأغيار شرك.
(وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ ...) من النفوس المحرّم قتلها على العبد نفسه المسكينة ، قال تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (٢). وقتل النّفس من غير حقّ تمكينك لها من اتباع ما فيه هلاكها فى الآخرة ؛ فإنّ العبد إذا لم ينه مأمور.
__________________
(١) (عن ابن عباس أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا ، ثم أتوا محمدا عليه الصلاة والسلام فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو نخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزلت الآية : «وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ... إلى قوله تعالى : غَفُوراً رَحِيماً» رواه مسلم عن ابراهيم بن دينار عن حجاج. و (عن عبد الله بن مسعود قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أي الذنب أعظم؟
قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك ، قال : قلت ثم أي؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك. قال قلت ثم أي؟
قال : أن تزانى حليلة جارك. فأنزل الله هذه الآية وما بعدها تصديقا لذلك) رواه البخاري ، ومسلم عن عثمان بن أبى شيبة ، عن جرير.
و (عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : أتى وحشي إلى النبي (ص) فقال : يا محمد أتيتك مستجيرا فأجرنى حتى أسمع كلام الله ، فقال الرسول : قد كنت أحب أن أراك على غير جوار ، فأما إذ أتيتنى مستجيرا فأنت فى جوارى حتى تسمع كلام الله. قال : فإنى أشركت بالله وقتلت النفس التي حرم الله وزنيت ، فهل يقبل الله منى توبة؟ فصمت رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى نزلت الآية .. وأسلم وحشي).
(٢) آية ٢٩ سورة النساء.