أي نفسه. فيجب أن يبدأ بمقاتلة (١) نفسه ثم بمجاهدة الكفار ، قال عليهالسلام : «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» (٢).
قوله : (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) من حابى عدوّه قهره ، وكذلك المريد الذي ينزل عن مطالبات الحقيقة إلى ما يتطلبه من التأويلات فيفسخ عهده ، وينقض عقده ، وذلك كالرّدّة (٣) لأهل الظاهر.
قوله جل ذكره : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥))
(٤) جعل الله ـ سبحانه ـ إنزال القرآن لقوم شفاء. ولقوم شقاء ؛ فإذا أنزلت سورة جديدة زاد شكّهم وتحيّرهم ، فاستعلم بعضهم حال بعض ، ثم لم يزدادوا إلا تحسّرا ؛ قال تعالى : (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) (٥) وأمّا المؤمنون فزادتهم السورة إيمانا فارتقوا من حدّ تأمل البرهان إلى روح البيان ، ثم من روح البيان إلى العيان ، فالتجويز والتردد و (....) (٦) والتحيّر منتفى بأجمعه عن قلوبهم ، وشموس العرفان طالعة على أسرارهم ، وأنوار التحقيق مالكة أسرارهم ، فلا لهم تعب الطلب ، ولا لهم حاجة إلى التدبير ،
__________________
(١) وردت (مقابلة) والملائم بالنسبة للسياق (مقاتلة) هذا العدو.
(٢) رواه الخطيب فى التاريخ عن جابر (ص ٣٢٥ ح ٢ منتخب كنز العمال بهامش مسند الإمام احمد) هكذا : (قدمتم خير مقدم وقدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر. مجاهدة العبد هواه).
(٣) وردت (الرد) والصواب أن تكون (الردة) ، وقد أوضح القشيري ذلك فى موضع آخر من الكتاب إذ يقول وكما ان المرتد أشد على المسلمين عداوة فكذلك من رجع عن الإرادة الى الدنيا والعادة ، فهو أشد الناس إنكارا لهذه الطريقة وابعد عن أهلها) المجلد الأول : ص ٧٥.
(٤) ينبغى أن نلحق بهذه الآية الآية التي بعدها (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ ، وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) لم ترد فى المتن مع أن المصنف يشير إليها فى شرحه.
(٥) آية ٤٤ سورة فصلت.
(٦) مشتبهة ، ومصححة فى الهامش بطريقة مبهمة وهى فى الكتابة هكذا : (النجث) ، ولا نعرف ضمن آفات العقل كلمة للقشيرى قريبة فى الخط منها ، وربما كانت (التعب).