ولا عليهم سلطان الفكر. وأشعة شموس العرفان مستغرقة لأنوار نجوم العلم ، يقول قائلهم :
ولما استبان الصبح أدرك ضوءه |
|
بإسفاره أنوار ضوء الكواكب |
قوله جل ذكره : (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦))
لم يخل الحقّ ـ سبحانه ـ أرباب التكليف من دلائل التعريف ، التعريف لهم فى كل وقت بنوع من البيان ، والتكليف فى كل أوان بضرب من الامتحان ؛ فما لم يزد لهم فى إيضاح البرهان لم يتجدد لهم من الله إلا زيادة الخذلان والحجبة عن البيان.
وأمّا أصحاب الحقائق فما للأغيار فى كل عام مرة أو مرتين فلهم فى كل نفس مرة ، لا يخليهم الحقّ ـ سبحانه ـ من زواجر توجب بصائر ، وخواطر تتضمن تكليفات وأوامر (٢) قال قائلهم :
كأنّ رقيبا منك حلّ بمهجتي |
|
إذا رمت تسهيلا علىّ تصعّبا |
قوله جل ذكره : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٢٧))
تقنّعوا بخمار التلبيس ظانّين أنهم يبقون فى سرّ بتكلفهم ؛ والحقّ أبى إلا أن فضحهم ، وكما وسمهم برقم النّكرة (١) أطلع أسرار الموحّدين على أحوالهم فعرفوهم على ما هم عليه من أوصافهم.
قوله جل ذكره : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
__________________
(١) النكرة اسم من الإنكار ؛ يقال : كان لى أشد نكرة (الوسيط).
(٢) ذلك لأنهم بقيامهم بالحق فلما تبدر منهم أشياء تستدعى الزجر أو الأمر لأنهم دائما يختارون الأشق.