ضَلالٍ) ، أي يذهب كيدهم باطلا ، ويحيق بهم ما يريده الله عزوجل.
(وَقالَ فِرْعَوْنُ) ، لملئه (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى) ، وإنما قال هذا لأنه كان في خاصة قوم فرعون من يمنعه من قتله خوفا من الهلاك ، (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) ، أي وليدع موسى ربه الذي يزعم أنه أرسله إلينا فيمنعه منا ، (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ) ، أن يغير ، (دِينَكُمْ) ، الذي أنتم عليه ، (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) ، قرأ يعقوب وأهل الكوفة (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ) ، وقرأ الآخرون وأن يظهر ، وقرأ أهل المدينة والبصرة وحفص يظهر بضم الياء وكسر الهاء على التعدية ، (الْفَسادَ) نصب لقوله : (أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) ، حتى يكون الفعلان على نسق واحد ، وقرأ الآخرون بفتح الياء والهاء على اللزوم ، (الْفَسادَ) ، رفع وأراد بالفساد تبديل الدين وعبادة غيره.
(وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ (٢٧) وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨) يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلاَّ ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشادِ (٢٩))
(وَقالَ مُوسى) ، لما توعده فرعون بالقتل ، (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) ، واختلفوا في هذا المؤمن قال مقاتل والسدي : كان قبطيا ابن عم فرعون وهو الذي حكى الله عنه فقال : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى) [القصص : ٢٠] ، وقال قوم : كان إسرائيليا ، ومجاز الآية : وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون ، وكان اسمه حزبيل عند ابن عباس ، وأكثر العلماء.
وقال ابن إسحاق : كان اسمه جبران. وقيل : كان اسم الرجل الذي آمن من آل فرعون حبيبا. (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) ، لأن يقول ربي الله ، (وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ) ، أي بما يدل على صدقه ، (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) ، لا يضركم ذلك ، (وَإِنْ يَكُ صادِقاً) ، فكذبتموه وهو صادق ، (يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ).
قال أبو عبيد : المراد بالبعض الكل ، أي إن قتلتموه وهو صادق أصابكم ما يتوعدكم به (١) من العذاب. قال الليث : بعض هاهنا صلة يريد يصبكم الذي يعدكم.
وقال أهل المعاني : هذا على الظاهر في الحجاج كأنه قال أقل ما في صدقه أن يصيبكم بعض الذي يعدكم وفي بعض ذلك هلاككم ، فذكر البعض ليوجب الكل ، (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي) ، إلى دينه (مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) ، مشرك ، (كَذَّابٌ) ، على الله.
[١٨٤٧] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا
__________________
[١٨٤٧] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ، حيث تفرد عن علي بن عبد الله وهو المديني ، ومن فوقه رجال الشيخين.
(١) في المطبوع «ما وعدكم من العذاب» والمثبت عن المخطوط.