كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) ، يعني وما كيده في إبطال آيات الله وآيات موسى إلّا في خسار وهلاك.
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) (٣٨) ، طريق الهدى.
(يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) ، متعة تنتفعون بها مدة ثم تنقطع ، (وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ) ، التي لا تزول. (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) ، قال مقاتل : لا تبعة عليهم فيما يعطون في الجنة من الخير.
(وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (٤٢) لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٤٣) فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (٤٤) فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (٤٦))
(وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ) ، يعني ما لكم كما تقول العرب : ما لي أراك حزينا؟ أي ما لك يقول أخبروني عنكم كيف هذه الحال أدعوكم إلى النجاة من النار والإيمان بالله ، (وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) ، إلى الشرك الذي يوجب النار ، ثم فسر فقال :
(تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) (٤٢) ، العزيز في انتقامه ممن كفر ، الغفار لذنوب أهل التوحيد.
(لا جَرَمَ) ، حقا ، (أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) ، أي إلى الوثن ، (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ) ، قال السدي : لا يستجيب لأحد في الدنيا ولا في الآخرة ، يعني ليست له استجابة دعوة. وقيل : ليست له دعوة إلى عبادته في الدنيا لأن الأوثان لا تدّعي الربوبية ، ولا تدعو إلى عبادتها ، وفي الآخرة تتبرأ من عابديها. (وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ) ، مرجعنا إلى الله فيجازي كلا بما يستحق ، (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ) ، المشركين ، (هُمْ أَصْحابُ النَّارِ).
(فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ) ، إذا عاينتم العذاب حين لا ينفعكم الذكر ، (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) ، وذلك أنهم توعدوه لمخالفته دينهم ، (إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) ، يعلم المحقّ من المبطل ثم خرج المؤمن من بينهم ، فطلبوه فلم يقدروا عليه.
وذلك قوله عزوجل : (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) ، ما أرادوا به من الشر ، قال قتادة : نجا مع موسى وكان قبطيا ، (وَحاقَ) ، نزل ، (بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) ، الغرق في الدنيا والنار في الآخرة.
وذلك قوله تعالى : (النَّارُ) ، هي رفع على البدل من السوء ، (يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) ، صباحا ومساء ، قال ابن مسعود : أرواح آل فرعون في أجواف طيور سود يعرضون على النار كل يوم مرتين تغدو وتروح إلى النار ، ويقال : يا آل فرعون هذه منازلكم (١) حتى تقوم الساعة. وقال قتادة ومقاتل والسدي والكلبي : تعرض روح كل كافر على النار بكرة وعشيا ما دامت الدنيا.
__________________
(١) في المطبوع «مأواكم» والمثبت عن المخطوط.