القمر في دقته وصفرته في آخر المنازل به.
(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) ، أي لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه ، ولا يدخل الليل على النهار قبل انقضائه ، وهو قوله تعالى : (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) ، أي هما يتعاقبان بحساب معلوم لا يجيء أحدهما قبل وقته. وقيل : لا يدخل أحدهما في سلطان الآخر ، لا تطلع (١) الشمس بالليل ولا يطلع القمر بالنهار وله ضوء ، فإذا اجتمعا وأدرك كل واحد منهما صاحبه قامت القيامة. وقيل : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) أي لا تجتمع معه في فلك واحد (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) أي لا يتصل ليل بليل لا يكون بينهما نهار فاصل ، (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ، يجرون.
(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ) ، قرأ أهل المدينة والشام ويعقوب ذرياتهم بجمع ، وقرأ الآخرون (ذُرِّيَّتَهُمْ) على التوحيد ، فمن جمع كسر التاء ومن لم يجمع نصبها والمراد بالذرية الآباء والأجداد واسم الذرية يقع على الآباء كما يقع على الأولاد ، (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) ، أي المملوء ، وأراد سفينة نوح ، وهؤلاء من نسل من حمل مع نوح ، وكانوا في أصلابهم.
(وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) (٤٢) ، قيل : أراد به السفن [الصغار](٢) التي عملت بعد سفينة نوح على هيئتها. وقيل : أراد [به] السفن [الصغار](٣) التي تجري في الأنهار فهي في الأنهار كالفلك الكبار في البحار ، هذا قول قتادة والضحاك وغيرهما.
وروي عن ابن عباس : أنه قال : (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) (٤٢) ، يعني الإبل ، فالإبل في البر كالسفن في البحر.
(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩))
(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ) ، أي لا مغيث ، (لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) ، ينجون من الغرق. قال ابن عباس : ولا أحد ينقذهم من عذابي.
(إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) (٤٤) ، إلى انقضاء آجالهم ، يعني : إلا أن يرحمهم [الله](٤) ويمتعهم إلى حين [انقضاء](٥) آجالهم.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ) ، قال ابن عباس : ما بين أيديكم يعني الآخرة ، فاعملوا لها وما خلفكم يعني الدنيا فاحذروها ، ولا تغتروا بها. وقيل : (ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) وقائع الله فيمن كان قبلكم من الأمم ، (وَما خَلْفَكُمْ) عذاب الآخرة ، وهو قول قتادة ومقاتل. (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ، والجواب محذوف تقديره : إذا قيل لهم هذا أعرضوا عنه ، دليله ما بعده.
__________________
(١) في المطبوع «يطلع» والمثبت عن «ط» والمخطوط.
(٢) زيادة عن «ط» والمخطوط.
(٣) في المطبوع «أراد بالسفن التي تجري» والمثبت عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.