وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥))
قال الله تعالى : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) ، يعني النبوة ، قال مقاتل : يقولوا بأيديهم مفاتيح الرسالة فيضعوها (١) حيث شاءوا؟ ثم قال : (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، فجعلنا هذا غنيا وهذا فقيرا وهذا مالكا (٢) وهذا مملوكا فكما فضلنا بعضهم على بعض في الرزق كما شئنا ، كذلك اصطفينا بالرسالة من شئنا ، (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) ، بالغنى والمال ، (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) ، ليستخدم بعضهم بعضا فيسخر الأغنياء بأموالهم الأجراء الفقراء بالعمل ، فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش هذا بماله ، وهذا بأعماله ، فيلتئم قوام أمر العالم. وقال قتادة والضحاك : يملك بعضهم بمالهم بعضا بالعبودية والملك. (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ) ، يعني الجنة ، (خَيْرٌ) ، للمؤمنين ، (مِمَّا يَجْمَعُونَ) ، مما يجمع الكفار من الأموال.
(وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) ، أي لو لا أن يصيروا كلهم كفارا فيجتمعون على الكفر ، (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ) ، قرأ ابن كثير وأبو جعفر وأبو عمرو : (سُقُفاً) بفتح السين وسكون القاف على الواحد ، ومعناه الجمع ، كقوله تعالى : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) [النحل : ٢٦] ، وقرأ الآخرون بضم السين والقاف على الجمع ، وهي جمع سقف مثل رهن ورهن ، قال أبو عبيدة : ولا ثالث لهما. وقيل : هو جمع سقيف. وقيل : جمع سقوف جمع الجمع. (وَمَعارِجَ) ، مصاعد ودرجا من فضة ، (عَلَيْها يَظْهَرُونَ) ، يعلون ويرتقون ، يقال : ظهرت على السطح إذا علوته.
(وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً) ، من فضة ، (وَسُرُراً) أي وجعلنا لهم سررا من فضة ، (عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ).
(وَزُخْرُفاً) ، أي وجعلنا مع ذلك لهم زخرفا وهو الذهب ، نظيره : (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) [الإسراء : ٩٣] ، (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) ، قرأ حمزة وعاصم (لَمَّا) بالتشديد على معنى : وما كل ذلك إلّا متاع الحياة الدنيا. فكان : (لَمَّا) بمعنى إلّا ، وخففه الآخرون على معنى وكل ذلك متاع الحياة الدنيا ، فيكون : (إِنْ) للابتداء ، وما صلة ، يريدان هذا كله متاع الحياة الدنيا يزول ويذهب ، (وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) ، خاصة يعني الجنة.
[١٨٨٢] أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أنا أبو العباس عبد الله بن محمد بن هارون الطيسفوني أنا أبو الحسن محمد بن أحمد الترابي أنا أبو بكر أحمد (٣) بن عمر بن بسطام أنا أحمد بن سيار القرشي
__________________
[١٨٨٢] ـ جيد. إسناده ضعيف لضعف زكريا بن منظور ، لكن توبع وللحديث شواهد يتقوى بها ، والله أعلم.
ـ أبو حازم هو سلمة بن دينار.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٩٢٢ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه ابن ماجه ٤١١٠ والحاكم ٤ / ٣٠٦ من طريق عن ابن منظور به.
ـ وأخرجه الترمذي ٢٣٢٠ من طريق عبد الحميد بن سليمان عن أبي حازم به.
ـ قال الترمذي : صحيح غريب.
ـ وقال الحاكم : صحيح. وتعقبه الذهبي بقوله : زكريا بن منظور ضعفوه.
ـ وقال البوصيري في «الزوائد» زكريا ضعيف ، وأصل المتن صحيح.
(١) في المطبوع «فيصنعونها» والمثبت عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «ملكا» والمثبت عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «حمد» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».