ثبت على البيعة ، (فَسَيُؤْتِيهِ) ، قرأ أهل العراق (فَسَيُؤْتِيهِ) بالياء ، وقرأ الآخرون بالنون ، (أَجْراً عَظِيماً) ، وهو الجنة.
(سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١١) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (١٢) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥))
(سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ).
[١٩٥١] قال ابن عباس ومجاهد : يعني أعراب بني غفار ومزينة وجهينة ، وأشجع وأسلم ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمرا استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب ، أو يصدوه عن البيت ، فأحرم بالعمرة وساق معه الهدي ليعلم الناس أنه لا يريد حربا ، فتثاقل عن كثير من الأعراب وتخلفوا واعتلوا بالشغل ، فأنزل الله تعالى فيهم : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ) يعني الذين خلفهم الله عزوجل عن صحبتك ، فإذا انصرفت من سفرك إليهم فعاتبهم على (١) التخلف عنك.
(شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا) ، يعني النساء والذراري أي لم يكن لنا من يخلفنا فيهم (فَاسْتَغْفِرْ لَنا) ، تخلفنا عنك ، فكذبهم الله عزوجل في اعتذارهم ، فقال : (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) ، من أمر الاستغفار ، فإنهم لا يبالون استغفر لهم النبي صلىاللهعليهوسلم أو لا.
(قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا) ، سوءا (أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً) ، قرأ حمزة والكسائي : (ضَرًّا) بضم الضاد ، وقرأ الآخرون بفتحها لأنه قابله بالنفع والنفع ضد الضر ، وذلك أنهم ظنوا أن تخلفهم عن النبي صلىاللهعليهوسلم يدفع عنهم الضر ، ويعجل لهم النفع بالسلامة في أنفسهم وأموالهم ، فأخبرهم الله تعالى : أنه إن أراد بهم شيئا من ذلك لم يقدر أحد على دفعه. (بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً).
(بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً) ، أي ظننتم أن العدو يستأصلهم فلا يرجعون ، (وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ) ، زين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم ، (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) ، وذلك أنهم قالوا : إن محمدا وأصحابه أكلة رأس ، فلا يرجعون ، فأين تذهبون معه انتظروا ما يكون من أمرهم. (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) ، هلكى لا تصلحون لخير.
__________________
[١٩٥١] ـ أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» ٤ / ١٦٥ عن مجاهد مرسلا بنحوه.
ـ وأخرج الطبري ٣١٤٨٤ صدره عن مجاهد ، فالخبر ضعيف ، ولم أر من أسنده عن ابن عباس.
(١) في المخطوط (أ) «عن».