محمد بن إسماعيل أنا محمود بن غيلان أنا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال : ما رأيت أشبه باللمم مما قال (١) أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر ، وزنا اللسان النطق ، والنفس وتمنّى (٢) وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك ويكذبه».
[٢٠٦٤] ورواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وزاد : «والعينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش. والرجل زناها الخطى».
وقال الكلبي : اللّمم على وجهين كل ذنب لم يذكر الله عليه حدّا في الدنيا ولا عذابا في الآخرة فذلك الذي تكفره الصلوات ما لم يبلغ الكبائر والفواحش ، والوجه الآخر هو : الذنب العظيم يلم به المسلم المرة بعد المرة فيتوب منه.
وقال سعيد بن المسيب : هو ما لم على القلب أي خطر. وقال الحسين بن الفضل : اللمم النظرة من غير تعمد فهو مغفور ، فإن أعاد النظرة فليس بلمم وهو ذنب. (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) ، قال ابن عباس : لمن فعل ذلك ثم (٣) تاب ، تم الكلام هاهنا ، ثم قال : (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) ، أي خلق أباكم آدم من التراب ، (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ) ، جمع جنين ، سمي جنينا لاجتنانه في البطن ، (فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) ، قال ابن عباس : لا تمدحوها. قال الحسن : علم الله من كل نفس ما هي صانعة وإلى ما هي صائرة ، فلا تزكوا أنفسكم ، فلا تبرءوها عن الآثام ولا تمدحوها بحسن أعمالها.
قال الكلبي ومقاتل : كان الناس يعملون أعمالا حسنة ثم يقولون صلاتنا وصيامنا وحجنا وجهادنا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) ، أي بر وأطاع وأخلص العمل لله تعالى.
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى (٣٤) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (٣٦))
قوله عزوجل : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى) (٣٣) ، نزلت في الوليد بن المغيرة ، كان قد اتبع النبي صلىاللهعليهوسلم على دينه فعيره بعض المشركين ، وقال له : أتركت دين الأشياخ وضللتهم؟ قال : إني خشيت عذاب الله فضمن الذي عاتبه إن هو [وافقه ورجع إلى شركه](٤) أعطاه كذا من ماله أن يتحمل عنه عذاب الله ، فرجع الوليد إلى الشرك وأعطى الذي عيّره بعض ذلك المال الذي ضمن [ثم بخل](٥) ومنعه تمامه ، فأنزل الله عزوجل : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى) (٣٣) أدبر عن الإيمان.
__________________
والواحدي ٤ / ٢٠١ من طريق عبد الرزاق به.
وانظر الحديث المتقدم في سورة النساء عند آية ٣١.
[٢٠٦٤] ـ صحيح. أخرجه مسلم ٢٦٥٧ ح ٢١ وأبو داود ٢١٥٣ وأحمد ٢ / ٣٧٢ و ٥٣٦ والبيهقي ٧ / ٨٩ من طريق سهيل بن أبي صالح به.
ـ وأخرجه أبو داود ٢١٥٤ وأحمد ٣٧٩ وابن حبان ٤٤٢٣ من طريق القعقاع بن حكيم عن أبي صالح به.
وانظر ما قبله.
(١) في المطبوع «قاله» والمثبت عن ط والمخطوط.
(٢) في المطبوع «تتمنى» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».
(٣) في المطبوع «و» والمثبت عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن «أسباب النزول» للواحدي ٧٧٢.