قال الله تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) ، قرأ يعقوب : سنهزم بالنون ، (الْجَمْعُ) نصب ، وقرأ الآخرون بالياء ورفعها (١) ، (الْجَمْعُ) رفع على غير تسمية الفاعل ، يعني كفار مكة ، (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) ، يعني الأدبار فوحد لأجل رءوس الآي ، كما يقال : ضربنا منهم الرءوس وضربنا منهم الرأس إذا كان الواحد يؤدي معنى الجمع ، أخبر الله أنهم يولون أدبارهم منهزمين فصدق الله وعده وهزمهم يوم بدر.
[٢٠٨٠] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الوهّاب ثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم وهو في قبة يوم بدر : «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك ، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم» ، فأخذ أبو بكر بيده ، فقال : حسبك يا رسول الله ، فقد ألححت على ربك ، [فخرج] وهو في الدرع وهو يقول : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٤٥). (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) (٤٦).
[٢٠٨١] قال سعيد بن المسيب : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : لما نزلت : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٤٥) ، كنت لا أدري أي جمع سيهزم ، فلما كان يوم بدر رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم يثب في درعه ويقول : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) (٤٦) ، أي أعظم داهية وبلية وأشد مرارة من الأسر والقتل يوم بدر.
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ) ، المشركين ، (لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) ، قيل : في ضلال بعد عن الحق. قال الضحاك : وسعر أي نار تسعر عليهم. وقيل : في ضلال ذهاب عن طريق الجنة في الآخرة ، وسعر : نار مسعّرة ، قال الحسين بن فضل : إن المجرمين في ضلال في الدنيا ونار في الآخرة. وقال قتادة : في عناء وعذاب.
ثم بيّن عذابهم فقال : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ) ، يجرون ، (فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) ، ويقال لهم (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ).
__________________
[٢٠٨٠] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.
ـ عبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي ، خالد هو ابن مهران الحذاء ، عكرمة هو أبو عبد الله مولى ابن عباس.
ـ وهو في «شرح السنة» ٢٦٥٤ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٢٩١٥ عن محمد بن المثنى بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٣٩٥٣ و ٤٨٧٥ والنسائي في «التفسير» ٥٧٧ والبيهقي في «الدلائل» ٣ / ٥٠ من طريق عبد الوهاب به.
ـ وأخرجه البخاري ٤٨٧٥ وأحمد ١ / ٣٢٩ من طريق عفان عن وهيب عن خالد به.
ـ وأخرجه البخاري ٤٨٧٧ من طريق خالد عن خالد به.
وانظر ما تقدم في سورة الأنفال عند آية : ٩.
[٢٠٨١] ـ حسن. ذكره المصنف هاهنا عن سعيد بن المسيب معلقا ولم أقف على إسناد.
ـ وأخرجه عبد الرزاق في «التفسير» ٣٠٦٩ والطبري ٣٢٨٢٣ لكن من طريق عكرمة أن عمر قال : .... فذكره.
ـ وإسناده منقطع.
ـ وأخرجه الطبراني في «الأوسط» ٣٨٤١ من طريق عبد المجيد بن أبي رواد عن معمر عن قتادة عن أنس عن عمر.
ـ وفي إسناده محمد بن إسماعيل بن علي الأنصاري قال الهيثمي في «المجمع» ٦ / ٧٨ : ولم أعرفه. فالإسناد ضعيف ، لكن يشهد لما قبله.
(١) في المطبوع «وضمها» والمثبت عن المخطوط.