(وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ (١٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥))
(وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ) ، أراد بالحب جميع الحبوب التي تحرث في الأرض (١) [(الْعَصْفِ)](٢). قال مجاهد : هو ورق الزرع. قال ابن كيسان : (العصف) ورق كل شيء يخرج منه الحب ، يبدو أولا ورقا وهو العصف ثم يكون سوقا ثم يحدث الله فيه أكماما ثم يحدث من الأكمام الحب. وقال ابن عباس في رواية الوالبي : هو التبن. وهو قول الضحاك وقتادة. وقال عطية عنه : هو ورق الزرع الأخضر إذا قطع رءوسه ويبس ، نظيره : (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) [الفيل : ٥]. (وَالرَّيْحانُ) ، هو الرزق (٣) في قول الأكثرين ، قال ابن عباس : كل ريحان في القرآن فهو رزق [و] قال الحسن وابن زيد هو ريحانكم [هذا] الذي يشم ، قال الضحاك : العصف هو التين والريحان ثمرته ، وقراءة العامة : (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) (١٢) ، كلها مرفوعات بالرد على الفاكهة ، وقرأ ابن عامر (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) بنصب الباء والنون و «ذا» بالألف على معنى : خلق الإنسان وخلق هذه الأشياء ، وقرأ حمزة والكسائي (وَالرَّيْحانُ) بالجر عطفا على العصف فذكر قوت الناس والأنعام ثم خاطب الجن والإنس.
فقال : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١٣) ، أيها الثقلان يريد من هذه الأشياء المذكورة وكرّر هذه الآية في هذه السورة تقريرا للنعمة وتأكيدا في التذكير بها على عادة العرب في الإبلاغ والإشباع ، يعدّد على الخلق آلاءه [ونعماه] ويفصل بين كل نعمتين بما ينبههم عليها ، كقول الرجل لمن أحسن إليه وتابع عليه بالأيادي وهو ينكرها ويكفرها : ألم تكن فقيرا فأغنيتك أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك أفتنكر هذا؟ ألم تك خاملا فعززتك أفتنكر هذا؟ ومثل هذا التكرار سائغ في كلام العرب حسن تقريرا ، وقد خاطب بلفظ التثنية على عادة العرب تخاطب الواحد بلفظ التثنية كقوله تعالى : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) [ق : ٢٤].
[٢٠٨٦] وروي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قرأ علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم سورة الرحمن
__________________
[٢٠٨٦] ـ ضعيف. أخرجه الترمذي ٣٢٩١ والحاكم ٣٧٦٦ من طريق عبد الرحمن بن واقد عن الوليد بن مسلم حدثنا زهير بن محمد عن محمد بن المنكدر به.
ـ وإسناده واه ، زهير منكر الحديث في رواية أهل الشام عنه ، وهذا منها.
ـ وصححه الحاكم على شرطهما ، ووافقه الذهبي.
ـ وأخرجه الحاكم ٣٧٦٦ وابن عدي ٣ / ٢١٩ وأبو الشيخ في «العظمة» ١١٢٣ والواحدي في «الوسيط» ٤ / ٢١٩ والبيهقي في «الدلائل» ٢ / ٢٣٢ من طريق هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم بالإسناد السابق.
ـ وأخرجه البيهقي ٢ / ٢٣٢ من طريق مروان بن محمد قال : حدثنا زهير بن محمد به.
ـ قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد.
ـ قال ابن حنبل : كأن زهير بن محمد الذي وقع بالشام ليس هو الذي يروي عنه بالعراق كأنه رجل آخر قلبوا اسمه ، يعني لما يروون عنه من المناكير.
ـ وسمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول : أهل الشام يروون عن زهير بن محمد مناكير ، وأهل العراق يروون عنه أحاديث مقاربة ا ه.
ـ وله شاهد من حديث ابن عمر :
(١) في المطبوع «يقتات بها» والمثبت عن المخطوط وط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المخطوط «الورق».