(ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) (١٣٦) ، والتدمير الإهلاك.
(وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ) ، على آثارهم ومنازلهم ، (مُصْبِحِينَ) ، [أي] وقت الصباح.
(وَبِاللَّيْلِ) ، يريد تمرون بالنهار وبالليل (١) عليهم إذا ذهبتم إلى أسفاركم ورجعتم ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) ، فتعتبرون [بهم].
قوله تعالى : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١٣٩) ، أي من جملة رسل الله.
(إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (١٤٠) ، يعني هرب ، قال ابن عباس رضي الله عنهما ووهب : كان يونس وعد قومه العذاب فلما تأخر عنهم العذاب [خشي على نفسه القتل](٢) فخرج كالمنشور (٣) منهم ، فقصد البحر فركب السفينة ، فاحتبست السفينة فقال الملاحون هاهنا عبد آبق من سيده ، فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس ، فاقترعوا ثلاثا فوقعت على يونس ، فقال يونس : أنا الآبق ، وزجّ نفسه في الماء.
وروي في القصة : [أنه] لما وصل إلى البحر كانت معه امرأته وابنان له ، فجاء مركب فأراد أن يركب معهم فقدم امرأته ليركب بعدها فحال الموج بينه وبين المركب ، ثم جاءت موجة أخرى وأخذت ابنه الأكبر وجاء ذئب فأخذ الابن الأصغر ، فبقي فريدا ، فجاء مركب آخر فركبه فقعد ناحية من القوم [حزينا كئيبا](٤) ، فلما مرت السفينة في البحر ركدت ، فاقترعوا وقد ذكرنا القصة في سورة يونس.
فذلك قوله عزوجل : (فَساهَمَ) ، فقارع والمساهمة إلقاء السهام على جهة القرعة ، (فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) ، أي المقروعين.
(فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ) ، ابتلعه ، (وَهُوَ مُلِيمٌ) ، أي آت بما يلام عليه.
(فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) (١٣٤) ، من الذاكرين الله قبل ذلك وكان [عليهالسلام] كثير الذكر ، وقال ابن عباس : من المصلين. وقال وهب : من العابدين. وقال الحسن : ما كانت له صلاة في بطن الحوت ولكنه قدم عملا صالحا. وقال الضحاك : شكر الله تعالى له طاعته القديمة. وقيل : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) في بطن الحوت. قال سعيد بن جبير : يعني قوله : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء : ٨٧].
(لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧))
(لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٤٤) ، لصار بطن الحوت له قبرا إلى يوم القيامة.
(فَنَبَذْناهُ) ، طرحناه ، (بِالْعَراءِ) ، يعني على وجه الأرض ، قال السدي : بالساحل ، والعراء الأرض الخالية من الشجر والنبات. (وَهُوَ سَقِيمٌ) ، عليل كالفرخ الممعط.
وقيل : كان قد بلي لحمه ورقّ عظمه ولم يبق له قوة.
واختلفوا في مدة لبثه في بطن الحوت ، فقال مقاتل بن حيان : ثلاثة أيام. وقال عطاء : سبعة أيام. وقال الضحاك : عشرين يوما.
__________________
(١) في المخطوط «والليل».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «كالمستور» و «المنشور» : الخجل.
(٤) زيادة عن المخطوط.