وقال الأخفش : جوابه قوله تعالى : (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) [ص : ١٤] كقوله : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا) [الشعراء : ٩٧] ، وقوله : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ) [الطارق : ٤١] ، وقيل : جوابه قوله : (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا) [ص : ٥٤].
وقال الكسائي (١) : قوله : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (٦٤) [ص : ٦٤]. وهذا ضعيف لأنه تخلل بين هذا القسم وهذا الجواب أقاصيص وأخبار كثيرة.
وقال القتيبي : بل لتدارك كلام ونفي آخر ، ومجاز الآية : إن الله أقسم ب ص والقرآن ذي الذكر أن الذين كفروا من أهل مكة في عزة حمية جاهلية وتكبر عن الحق وشقاق [و] خلاف وعداوة لمحمد صلىاللهعليهوسلم.
وقال مجاهد : «في عزة» معازّين (٢).
(كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) ، يعني من الأمم الخالية ، (فَنادَوْا) ، استغاثوا عند نزول العذاب وحلول النقمة ، (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) ، أي ليس لهم حين نزول العذاب بهم نزو ، [قوة] ولا فرار (٣) ، والمناص مصدر ناص ينوص ، وهو الفوت (٤) والتأخر ، يقال : ناص ينوص إذا تأخر وباص يبوص إذا تقدم ، ولات بمعنى ليس بلغة أهل اليمن ، وقال النحويون : هي لا ، زيدت فيها التاء ، كقولهم : ربّ وربّت وثمّ وثمّت ، وأصلها هاء وصلت بلا ، فقالوا : «لاة» ، كما قالوا ثمة فجعلوها في الوصل تاء والوقف عليه بالتاء عند الزجاج ، وعند الكسائي بالهاء لاه ، وذهب جماعة إلى أن التاء زيدت في حين والوقف على ولا ، ثم يبتدئ «تحين» (٥) وهو اختيار أبي عبيد ، وقال : كذلك وجدت في مصحف عثمان ، وهذا كقول أبي وجزة السعدي :
«العاطفون تحين (٦) ما من عاطف |
|
والمطعمون زمان (٧) ما من مطعم» |
وفي حديث ابن عمر ، وسأله رجل عن عثمان ، فذكر مناقبه ثم قال : «اذهب بها تلآن إلى أصحابك» ، يريد الآن. قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان كفار مكة إذا قاتلوا فاضطروا في الحرب قال بعضهم لبعض : مناص ، أي : اهربوا وخذوا حذركم ، فلما أنزل الله بهم العذاب ببدر قالوا : مناص ، فأنزل الله تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) أي ليس هذا (٨) حين هذا القول.
(وَعَجِبُوا) ، يعني الكفار الذين ذكرهم الله عزوجل في قوله : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، (أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) ، يعني رسولا من أنفسهم ينذرهم ، (وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ).
(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً).
[١٨٠١] وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسلم فشق ذلك على قريش ، وفرح به المؤمنون.
__________________
[١٨٠١] ـ ذكره المصنف هاهنا ، والثعلبي كما في «تخريج الكشاف» ٤ / ٧٢ بدون إسناد ، ومن غير عزو لأحد.
(١) في المخطوط «السدي».
(٢) في المطبوع «تغابن» والمثبت عن «ط» و «تفسير الطبري».
(٣) في المطبوع «حتى فرار» والمخطوط (أ) «منجى ولا فرار».
(٤) في المطبوع «الفرار» والمثبت عن «ط» والمخطوط.
(٥) في المخطوط (ب) «بحين» والمثبت عن ط والمخطوط (أ) والمطبوع.
(٦) في المخطوط (ب) «بحين» والمثبت عن المخطوط (أ) والمطبوع و «ط».
(٧) في المخطوط (ب) «بحين» بدل «زمان» والمثبت عن المخطوط (أ) و «ط».
(٨) في المطبوع «الحين» بدل «هذا» والمثبت عن «ط» والمخطوط.