يوم الدين ، سبحان خالق النور.
قال مجاهد : مكث أربعين يوما ساجدا لا يرفع رأسه حتى نبت المرعى من دموع عينيه وغطى رأسه ، فنودي : يا داود أجائع فتطعم؟ أم (١) ظمآن فتسقى؟ أو عار فتكسى؟ فأجيب في غير ما طلب.
قال : فنحب نحبة هاج لها العود فاحترق من حر جوفه ، ثم أنزل الله له التوبة والمغفرة (٢).
قال وهب : إن داود أتاه نداء : إني قد غفرت لك ، قال : يا رب كيف وأنت لا تظلم أحدا؟ قال : اذهب إلى قبر أوريا فناده ، فأنا أسمعه نداءك فتحلل منه ، قال : فانطلق وقد لبس المسوح حتى جلس عند قبره ، ثم نادى يا أوريا ، فقال : لبيك من هذا الذي قطع علي (٣) لذتي وأيقظني؟ قال : أنا داود ، قال : ما جاء بك يا نبي الله؟ قال : [جئت](٤) أسألك أن تجعلني في حل مما كان مني إليك ، قال : وما كان منك إليّ؟ قال : عرضتك للقتل ، قال : قد عرضتني للجنة فأنت في حل ، فأوحى الله إليه : يا داود ألم تعلم أني حكم عدل لا أقضي بالعنت (٥) ألا أعلمته أنك قد تزوجت امرأته ، قال : فرجع إليه فناداه فأجابه فقال من هذا الذي قطع عليّ (٦) لذتي؟ قال : أنا داود ، قال : يا نبي الله أليس قد عفوت عنك؟ قال : نعم ولكن إنما فعلت ذلك بك لمكان امرأتك وقد تزوجتها ، قال : فسكت فلم يجبه ودعاه فلم يجبه وعاوده فلم يجبه ، فقام [عند](٧) قبره وجعل يحثو التراب على رأسه ، ثم نادى الويل لداود ثم الويل لداود ثم الويل الطويل لداود ، سبحان خالق النور ، والويل لداود [ثم الويل له](٨) إذا نصب الميزان (٩) بالقسط ، سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل الطويل لداود (١٠) حين يؤخذ بذقنه فيدفع إلى المظلوم ، سبحان خالق النور الويل لداود ثم الويل الطويل له (١١) حين يسحب على وجهه مع الخاطئين إلى النار ، سبحان خالق النور ، فأتاه نداء من السماء : يا داود قد غفرت لك ذنبك ورحمت بكاءك واستجبت دعاءك وأقلت عثرتك ، قال : يا رب كيف وصاحبي لم يعف عني؟ قال : يا داود أعطيه من الثواب يوم القيامة ما لم تر عيناه ولم تسمع أذناه ، فأقول له : رضيت عن عبدي داود؟ فيقول : يا رب من أين لي هذا ولم يبلغه عملي؟ فأقول : هذا عوض من عبدي داود فأستوهبك منه فيهبك لي ، قال : يا رب الآن قد عرفت أنك قد غفرت لي (١٢). فذلك قوله : (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً) ، أي ساجدا ، عبّر بالركوع عن السجود لأن كل واحد منهما فيه انحناء ، قال الحسين بن الفضل : سألني عبد الله بن طاهر عن قوله : (وَخَرَّ راكِعاً) هل يقال للراكع خر؟ قلت : لا ومعناه فخر (١٣) بعد ما كان راكعا أي : سجد (١٤). (وَأَنابَ) ، أي رجع وتاب.
(فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) ، يعني ذلك الذنب ، (وَإِنَّ لَهُ) ، بعد المغفرة ، (عِنْدَنا) ، يوم القيامة ، (لَزُلْفى) ، لقربة ومكانة ، (وَحُسْنَ مَآبٍ) ، أي حسن مرجع ومنقلب. وقال وهب بن منبه : إن داود لما تاب الله
__________________
(١) في المطبوع «أو» والمثبت عن المخطوط.
(٢) هذه الآثار من الإسرائيليات.
(٣) في المطبوع «عني» والمثبت عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع «بالغيب» والمثبت عن المخطوط ، و «ط».
(٦) في المطبوع «عني».
(٧) في المطبوع «عن» والمثبت عن المخطوط.
(٨) زيادة عن المخطوط.
(٩) في المخطوط «نصبت الموازين».
(١٠) في المخطوط «لداود».
(١١) في المطبوع «له».
(١٢) لو لم يذكر المصنف هذه الآثار لكان أولى ، وقد أطال في ذلك رحمهالله؟!
(١٣) في المطبوع «خر» والمثبت عن «ط» والمخطوط.
(١٤) في المطبوع «ساجدا» والمثبت عن «ط» والمخطوط.