وقال الكلبي وأبو العالية : والذي جاء بالصدق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وصدّق به أبو بكر رضي الله عنه. وقال قتادة ومقاتل : والذي جاء بالصدق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وصدّق به وهم المؤمنون ، لقوله عزوجل : (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
وقال عطاء : والذي جاء بالصدق الأنبياء وصدّق به الأتباع ، وحينئذ يكون الذي بمعنى الذين كقوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) [البقرة : ١٧] ، ثم قال : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) [البقرة : ١٧].
قال الحسن : هم المؤمنون صدقوا به في الدنيا وجاءوا به في الآخرة. وفي قراءة عبد الله بن مسعود : والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به. (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) ، يسترها عليهم بالمغفرة ، (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) ، قال مقاتل : يجزيهم بالمحاسن من أعمالهم ولا يجزيهم بالمساوئ.
قوله عزوجل : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)؟ يعني محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي ، عباده بالجمع يعني الأنبياء عليهمالسلام ، قصدهم قومهم بالسوء كما قال : (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) [غافر : ٥] ، فكفاهم (١) الله شر من عاداهم ، (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) ، وذلك أنهم خوّفوا النبي صلىاللهعليهوسلم معرّة معاداة الأوثان. وقالوا : لتكفنّ عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منهم خبل أو جنون ، (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ).
(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٧) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠) إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١) اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢))
(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ) (٣٧) ، منيع في ملكه منتقم من أعدائه.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ) ، بشدة وبلاء ، (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ) ، بنعمة وبركة ، (هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) ، قرأ أهل البصرة (كاشِفاتُ) و (مُمْسِكاتُ) بالتنوين ، من (ضُرِّهِ) و (رَحْمَتِهِ) بنصب الراء والتاء ، وقرأ الآخرون بلا تنوين وجر الراء والتاء على الإضافة ، قال مقاتل : فسألهم النبي صلىاللهعليهوسلم عن ذلك فسكتوا ، فقال الله تعالى لرسول صلىاللهعليهوسلم : (قُلْ حَسْبِيَ اللهُ) ، ثقتي به واعتمادي عليه ، (عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) ، يثق به الواثقون.
__________________
(١) في المطبوع «فكفاه» والمثبت عن «ط» والمخطوط.