من جملة الاشياء التي تنظمها هذه المنطقة الصغيرة في حجمها ، الكبيرة في فعلها تنظيم حركة الاوعية الدموية ، فالانابيب التي يمر فيها الدم تبلغ من الكثافة والانتشار حداً لا يكاد يصدق في البدن حيث يبلغ طولها ما يزيد عن مائة ألف ميل وهي تتغلغل بين جميع أنسجة الجسم حتى العظم الكثيف وتروي جميع المناطق التي تصل اليها ، وهذه الانابيب هي أشد مرونة من المطاط لان فيها أليافاً عضلية مرنة على طول جدارنها بحيث إن استرخاء هذه العضلات الصغيرة يؤدي الى توسع الانابيب ، وبالتالي هبوط الضغط الدموي (١) ، كما ان تقلص هذه العضلات يؤدي الى ارتفاع التوتر بسبب ضيق سعة الانابيب التي يمر فيها الدم ، والعجيب في هذه الانابيب السحرية انها في حالة معتدلة من التقلص والارتخاء فهي في الحالة الطبيعية متقلصة ومرتخية بنفس الوقت بشكل متناسق بحيث تحفظ للوعاء الدموي قطره المناسب ، وهذه الحالة المعتدلة من التوتر تعتبر مقوية لجدران هذه لاوعية ، وهذا القانون يسري على كل عضلات الجسم ، فالعضلات الملساء التي تغلف جدران الوعية أو تشترك في تأليف الجدار تكون في حالة معتدلة من التوتر بحيث تحفظ للعضو أو الجهاز وضعه الطبيعي كما في الاوعية الدموية أو في الجدار الرحمي أو جدار المعدة أو المثانة. والتقلص يؤدي إلى ألم ، فمثلاً تعتبر حركات التقلص في المعدة حين فراغها من الطعام انذاراً بالجوع ، كما ان امتلاء المثانة والمستقيم بنفايات الجسم تدعو إلى زيادة التقلص العضلي في الجدران وبالتالي الآلام الخفيفة المنبئة التي يعتادها الجسم وهذه تخبر بدورها
__________________
(١) يقصد بالضغط الدموي ضغط الدم على جدار العروق الدموية وهذا يتعلق بطول الأنابيب ولزوجة الدم وسعة المقطع ، ولذا فان نقص اتساع الأوعية قليلاً يفضي إلى ارتفاع يبين في التوتر الدموي ويزداد التوتر الدموي في حالات الانفعال وينقص في حالات الصدمة والنوم ( مثلاً ).