يتم في خلية عصبية واحدة فإن جميع خلايا الدماغ لا تكفي الا لاختزان جزء يسير من الذكريات ، لأن مجموع الخلايا العصبية في المخ يبلغ تسعة مليارات خلية ، وفي الجهاز العصبي بكامله بالاضافة إلى المخ [١٤] مليار خلية ، فكيف تختزن إذن كل هذه الاكداس من الذكريات؟! ..
فكر العلماء في هذه المعضلة ولم يعثروا على تفسير واضح قطعي مؤكد في هذا الصدد فهل هناك يا ترى منطقة بعينها من الدماغ هي المسؤولة عن الذاكرة ، لم يعثر العلماء على منطقة بعينها من الوجهة التشريحية تختص بالذاكرة بحيث يؤدي تخريبها إلى فقدان الذاكرة الكامل والنهائي ، وهذا من الاسرار العظيمة في تركيب الجهاز العصبي عند الانسان إذ لو كان الامر كذلك لكان معنى هذا أن تخرب منطقة في الدماغ يعني خسارة أعظم وأثمن الاشياء عند الانسان الا وهي الذاكرة ، فالذاكرة هي أثمن من أن تؤتمن عليها مجموعة خاصة من الخلايا العصبية ، ولقد وجد أن تخريب ٩٠% من منطقة تتعلق بالذاكرة البصرية عند بعض الحيوانات لم يؤد إلى فقدان الذاكرة ، كما أن استئصال نصف الدماغ تماماً عند بعض المرضى لم يجعلهم يفقدون ذاكرتهم ، فهل هذا لان هناك نسخة مضاعفة للذاكرة في كل من نصفي الكرة المخية؟!!
من بين البحوث الشيقة التي اجريت على منطقة الفصوص الصدغية في الدماغ ما يلي : لقد وجد ان اصابة هذه المنطقة يؤدي إلى اضطراب الذاكرة ، وآخر التحريات في مضمار هذه المنطقة بالذات استطاع العلماء أن يلقوا نوراً خافتاً على موضوع الذاكرة ، فهذه المنطقة تتدخل على ما يبدو في صناعة الذكريات واستحضارها ، كما يبدو أنها تتدخل في تكوين الذكريات الوهمية ، فقد يشعر الانسان أحياناً عندما يسمع كلام شخص ما ، في موضع ما ، في زمن ما ، أنه قد رأى مثل هذا الشيء سابقاً وهو ما يعرف ( رؤية الشيء من قبل ) ...