وللنور العادي ، وتمتاز المخاريط بميزتين الرؤيا المركزة شديدة الإنارة وتمييز الالوان.
لا شك أنك لاحظت ـ أيها القارىء ـ أنك إذا دخلت إلى الظلام فجأت بعد أن كنت في الضياء أنك لا ترى شيئاً البتة ، ثم تتوضح لك الاشياء شيئاً فشيئاً ، إن هذا يعود إلى مطابقة العين من النور والظلام بواسطة المخاريط والعصبات ، فعندما تدخل الظلام تبدأ المخاريط عملها حق تصل قوة العين إلى خمسين ضعفاً فتشعر انك بدأت ترى الاشياء أكثر وضوحاً ، ولكن اختصاص الرؤية الضعيفة أو الرؤيا الليلية يعود إلى العصيات فتبدأ عملها ، وما أن تنقضي فترة (٤٥) دقيقة حتى تصبح قوة العين في التمييز (٥٠٠) ضعف ، وقد وجد أن السر يعود في هذا إلى مادة خاصة في العصيات هي مادة الرودوبسين ، وهي مادة بروتينية ذات وزن ذري يبلغ (٢٧٠) الف ، وذات لون أحمر وهي تنقلب في النور إلى مادة صفراء مبيضة ، وتتحلل إلى مادة الرتينين ومادة بروتينية أخرى فيها فيتامين A وهذا الفيتامين ( آ ، A) يتحول إلى شكل غير فعال ، فبعد أن يطرد من مكانه الاصلي يترك العين إلى الدوران الدموي وهو حزين كاسف البال ( ما يسمى بالفيتامين A المفروق ) وسرعان ما يرسل الكبد الاخبار اليه ليحضر ، وعندما يصل إلى الكبد يقنعه بأن هذا العمل انما هو من أجل مصلحة البدن ، وأن هذا الامر لا يحتاج إلى مفارقة أبدية ، بل هو فراق ولقاء وكل أمور الحياة هكذا ، وينقلب الفيتامين آ إلى شكل جديد فعال هو الشكل المقرون لأنه سيقترن من جديد بالمادة الاصلية ، ويتم هذا الامر بليل ، وهكذا يتفكك الرودوبسين في النور ويتركب من جديد في الظلام ويشترك الفيتامين آ بشكل كبير في هذا العمل ، وإذا نقصت كمية الفيتامين أدى هذا الامر إلى خلل المطابقة للرؤية في الظلام وحدوث العشاوة أو ما يسمى بالعمى الليلي وتتميز